أحمد الجارالله : متى تصحو الكويت من سُبات أهل الكهف؟
يبدو أننا، في الكويت، نيامٌ مثل أهل الكهف، وقد نصحو بعد 309 سنين مما يعدون، وسنجد أنَّ عملتنا قد تغيَّرت، لاسيما مع كثرة الحديث عن خفض قيمة الدينار، ما يعني المزيد من التضخم والانكماش في المشاريع، فيما سنجد أنَّ التصنيف الائتماني لايزال ينخفض أيضاً، لأن من يفترض أن يسمع ويرى ويتكلم، لا يسمع ولا يرى الكوارث التي تزحف على البلاد، وإذا تكلم فإن كلامه يزيد الطين بلة.
لهذا، ففي الكويت الغارقة بالضياع، باتت المستحيلات الدستورية، أمراً عادياً، فهناك حكومة مستقيلة مهمتها تصريف العاجل من الأمور، لا تحضر جلسات مجلس الأمة، لكن فجأة يدعوها المجلس لجلسة مناقشة الوضع الصحي في ظل الموجة الثانية من “كورونا” التي تجتاح البلاد، فتعلن أنها ستحضر، كيف ذلك، لا أحد يعرف، فيما المفترض أن تكون الحكومة الأصيلة قد أعلنت، وقدَّمت برنامج عملها، الذي لا شكَّ لن يختلف في مضمونه عن الكلام الإنشائي الذي صيَّغت به كل برامج الحكومات منذ 30 سنة حتى اليوم.
وفي ظلِّ كلام سمو رئيس مجلس الوزراء عن عزوف الكويتيين عن قبول الحقائب الوزارية، فإن ولادة الحكومة الجديدة يبدو أنها ستتأخر إلا إذا حدثت معجزة ما، ونجحت الصفقات بين الرئيس المكلف والنواب الذين كل منهم يشد الغطاء نحوه، فيما لم يسأل سمو الرئيس مستشاريه ونخبة المجتمع الكويتي عن سبب العزوف عن المناصب الوزارية، أو أقله يتابع ما ينشر في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، ليُدرك حجم المشكلة التي وصلت إليها البلاد، وخوف المواطنين من أن يُصبحوا أكباش فداء لمصالح مُتنفذين يبدو أنهم أقوى من كل القوانين والدستور.
منذ نحو سنتين والجميع يتحدث عما يجب أن تتخذه السلطتان، التشريعية والتنفيذية، من إجراءات صائبة لإنقاذ ما تبقى، لكن أحداً فيهما لا يُبالي بما وصلت إليه البلاد، لذا فالأمر يزداد سوءاً.
فمجلس الأمة، الذي من المُفترض أن يكون صوت الشعب، تحوَّل صوتاً لأقلية من المتمصلحين وتجار الدين والسياسة والهاربين من وجه العدالة، وليس سلطة تشريع، فيما بات واضحاً أن النواب في المجلس الجديد المُعطل بفعل الإفلاس السياسي، لا يدركون حجم الأزمة التي تمرُّ فيها البلاد، والتبعات السلبية لجائحة “كورونا” وتأثيرها على المواطنين، بل للأسف يتخذون منها قميص عثمان كي يُسجلوا بطولات وهمية على حساب الشعب، في جلسة لن تخرج عن إطار جلسات الجدل البيزنطي.
عيشة أهل الكهف التي تعيشها الكويت، إضافة إلى اللامبالاة التي تُمارس فيها الحكومة دورها، ومع تعطل مجلس الأمة، وإغراقه في السفاسف، كل هذا جعل الحلول التي وضعت خلال السنتين الماضيتين، إما خيالية وتعجيزية غير قابلة للتنفيذ، وإما ناقصة، وإما تخدم فئة مُحددة من الناس، ولا تفيد الوضع المالي والاقتصادي، حتى مع الإجراءات الاحترازية لمواجهة الوباء، صدرت قرارات أقل ما يُقال فيها إنها خدمت اقتصادات الدول المجاورة، بينما زادت من أزمة قطاعات عدة في البلاد، وكان يمكن أن تشكل فرصة إنعاش لها وتخدم الاقتصاد المحلي، لكنها كانت قرارات “عين عذاري تسقي البعيد وتترك القريب”.
نعم، ستصحو الكويت من سُبات أهل الكهف لتكتشف كم كان نومها، وقلة التدبير فيها، مُكلفاً.