الإخوان ما بين النأي بالنفس والشعور بالخيانة: أردوغان ليس خليفتنا
بالتزامن مع تصريحات النظام التركي وفي مُقدّمته الرئيس رجب طيب أردوغان، ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، حول استئناف العلاقات الدبلوماسية مع مصر التي قلّلت من أهميتها، كان من اللافت تغيّر نبرة الإعلام التركي والمغردين الذين يدورون في فلك حزب العدالة والتنمية الإسلامي عربيا، فاختفت من البوابات الرئيسية لوسائل الإعلام التركية الناطقة بالعربية الأخبار المسيئة لمصر والسعودية.كما دخلت الحسابات التركية الناطقة بالعربية على خط الرسائل وترويجها للمصالحة المصرية – التركية من جهة والمصالحة التركية– الخليجية من جهة أخرى. كما نشر إعلاميون أتراك ناطقون بالعربية تغريدات تسلط الضوء على آخر التصريحات التركية بشأن التقارب مع مصر ودول الخليج.وبعد استغلالهم سياسيا ودينيا من قبل الرئيس التركي لغايات الزعامة وتعزيز النفوذ، يتوقع مراقبون أن تواصل الجماعة انهيارها وتفككها نحو الانقراض شبه التام، بعد تفاخر رموزها بأنّ تنظيمهم بقي لغاية اليوم على قيد الحياة رغم كل ما عاناه طيلة السنوات الماضية.وتحت عنوان “حسابات الإخوان تتراجع خطوة: أردوغان ليس خليفتنا” و”مغردون يطالبون بعدم الوثوق في النظام التركي في علاقته بالجماعة”، سلّطت صحيفة “العرب” اللندنية واسعة الانتشار، في تقرير لها اليوم، الضوء على هرولة النظام التركي نحو المصالحة مع مصر والسعودية، والتي قابلها المغردون بالتحليل والتفكيك، خاصة أن نبرة حسابات الإخوان على موقع تويتر بالإضافة إلى تغطية الإعلام التركي الناطق بالعربية تغيرت كثيرا.ورصدت “العرب” سخرية مستخدمو موقع تويتر من المواقف الجديدة لبعض رموز الإخوان على تويتر بعد رسائل الغزل الموجهة من أنقرة إلى القاهرة منذ أسبوع وأكثر.ويتخوف وقالت الكاتبة الأردنية إحسان الفقيه قي تغريدة إن “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليس خليفتها” وأن “تركيا ليست دار خلافة” وأصرت على أنهم (الإخوان) “يحبون أردوغان ولا يقدسونه”!من جانبه سلط عضو مجلس الأمة الكويتي السابق ناصر الدويلة الضوء على رفض تركيا لهجمات الحوثيين وقولها “نقف مع السعودية الشقيقة وشعبها”.ودافع الدويلة في سلسلة تغريدات عن مواقف تركيا الجديدة في أهمية “تصفير المشكلات في المنطقة”.وحثّ الدويلة الدول العربية على التعاون مع تركيا.من جانبه ذهب الإعلامي القطري جابر الحرمي إلى القول إن اصطفاف تركيا ومصر ودول الخليج في محور واحد سيخلق ما سماه “قوة توقف الانهيار الذي تتعرض له المنطقة”.وأثارت المواقف الجديدة التي وصفها معلقون بأنها “مواقف تحت الطلب” سخرية واسعة على تويتر.وسخر مغرد:maany_mohammad@”وبالنسبة إلى الانقلاب ومرسي راجع والإخوان وأردوغان أبو أربعة صوابع! برضه خلاص وإلا إيه؟”في المقابل حاول إخوان آخرون الإيحاء بأن تركيا تحاول إصلاح علاقتها مع مصر خدمة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين.وتؤكد أصوات تركية في مختلف أروقة السياسة والإعلام ومراكز التفكير بعيدا عن شعبوية أردوغان أن “الجماعة بلاء وعبء على تركيا”.بالمقابل التزمت عدة حسابات إخوانية أخرى الصمت بشأن الرسائل التركية للسعودية ومصر في انتظار النتائج.ويعد الإعلام أحد أهم أذرع سلطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المنطقة خصوصا مع تراجع الدور السياسي التركي وانحسار السوق التجارية للبضائع التركية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.ووظف النظام التركي تغطية وسائل الإعلام المحلية في شنّ حرب علاقات عامة على مصر ودول خليجية، حيث وظفها لغايات سياسية بحتة أبعدت الإعلام عن قيم المصداقية والحياد التي من المفترض أنه يرتكز عليها بمختلف تغطياته الإعلامية.ويقول معلقون إن “الحرب الإعلامية أشد خطورة من الحرب التقليدية”.وتمثل الإساءة للسعودية ومصر المحتوى الرئيسي للإعلام التركي، حتى أن حجم تغطياته للأحداث في البلدين يطغى على حجم تغطياته للأزمات التركية الداخلية.وتصدر تركيا للعرب خطابا عاطفيا يقوم أساسا على استعادة أمجاد الزمن الغابر عبر الإعلام الناطق بالعربية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.ويحاول أردوغان جاهدا منذ سنوات الترويج لنفسه كمنقذ للمسلمين. ويتلذذ باستخدام الخطب الحماسية النارية على المنابر التي لا تضع رقابة على كلامه، والأهم أنها لا تحلله.وكونت تركيا على مواقع التواصل الاجتماعي جيوشا إلكترونية معاضدة بجماعة الإخوان المسلمين للترويج لدورها الجديد في المنطقة.ولا يخفي المغردون العرب من جانبهم تشكيكهم في نوايا أردوغان “الذي لا يؤتمن”، خاصة بعد تضييق الخناق عليه.ودفعت تركيا ثمناً باهظاً لمعاداتها مصر. وفي خطوة أضعفت أنقرة، وقعت القاهرة العام الماضي اتفاقية مع اليونان المنافسة لتركيا لتطوير البحر الأبيض المتوسط. وأثارت اكتشافات الطاقة الأخيرة سلسلة من النزاعات الإقليمية بين اليونان وتركيا.وقال الإعلامي السعودي منذر آل الشيخ مبارك:monther72@عدم رد أي من العرب عليهم طوال الأسبوع الماضي جعل هرولتهم أسرع، الآن مرحلة لا يوجد فيها سبب، وأجزم أنهم سيواصلون البحث إلى أن يصلوا إلى السبب ويحلونه وكم أتمنى أن لا يكون طوق نجاة #أردوغان من أزمته عربيًا!وكانت أنباء الأناضول، لسان حال كل من حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي وتنظيم الإخوان المسلمين على حدّ سواء، رأت في تقرير لها مؤخرا أنّ “الجماعة بصدد انتظار ما يرسله القدر” مُعترفة بصعوبات بالغة، وبالتالي لا حلّ أمام الجماعة إلا “تغيير دراماتيكي” تشهده المنطقة، وهذا مستبعد.وكشف تحليل أميركي للعلاقات الخارجية التركية أن أنقرة أدركت أن عودة الإخوان إلى السلطة انتهت وأن الجماعة أصبحت من الماضي، وبالتالي حان الوقت للتخلص من إرث هذه الجماعة التي تحالفت معها منذ الربيع العربي لأهداف أيديولوجية وإعادة العلاقات بمصر.