الشعب الإريتري يثور ضد إثيوبيا وآبي أحمد: سيادتنا خط أحمر
قبل أن يمر مارس ويطوي آخر أيامه، استفزت إثيوبيا جارتها إريتريا، بتصريحات مست شأنها الداخلي وسيادتها، ما أثار غضب الرأي العام والقوى السياسية في أسمرة.
وانتهز الناطق الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية، السفير دينا مفتي، مشاركته في لقاء حول العلاقات الإريترية الإثيوبية، لينفي سيادة واستقلال جارته، بل ويطالب بتوحيد البلدين، قائلًا إن الإريتريين لا يعظمون ولا يحتفلون بتاريخ انفصالهم عن إثيوبيا، وأن الانفصال كان نتيجة الحرب الباردة، مطالبًا بإعادة توحيد البلدين، زاعمًا أن هناك رغبة ورؤية للتقارب والتوحد.
فور تصريحاته المثيرة للجدل، خرجت ردود الأفعال، فقال رئيس الوحدة الإريترية من أجل التغيير الديمقراطي، يوهانس أسملاش، إن «السفير دينا مفتي يغفل نفسية الإريتريين، فاستقلالنا نتيجة 30 عامًا من الكفاح المسلح دفعنا له آلاف الشهداء وخسائر مادية ومعنوية ضخمة حتى هزمنا أخيرًا الحكومة الإثيوبية عسكريًا، ثم أغلقنا الملف بنسبة 99.83 % لصالح الاستقلال في استفتاء أجري في عام 1993».
وأكد أنه «لا ينبغي أن يكون لدى أمثال دينا مفتي أي شك بعد هذا الحدث التاريخي، لكنهم يفعلون ذلك، وإذا كان تعليق دينا مفتي بالون اختبار، فلنؤكد له أننا نحن الإريتريين صامدون أكثر من أي وقت مضى في الدفاع عن استقلالنا مهما كلف الأمر».
وأضاف «ملاحظة مهذبة.. السفير دينا مفتي، أرجوكم لا تخلطوا بين الشعب الإريتري والرئيس أسياس أفورقي، نحن نعلم أن الرئيس في شهر العسل مع حكومتك، والشعب الإريتري يدفع تضحيات غير ضرورية ولا توصف في حرب كان على الإثيوبيين تجنبها وديًا، يرجى تركيز الاهتمام داخل حدودك ودعنا نحترم بعضنا البعض كجيران جيدين، هلا فعلنا؟».
ووصف الناشط الحقوقي الإريتري، عبد الرحمن سيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية بالسفير المضلل، وطالب بإعادته إلى المدرسة الدبلوماسية ليحصل على دورة تدريبية مكثفة حول تاريخ إريتريا، وكفاح التحرير، والكرامة الوطنية، قائلًا «يجب أن يتعلم أن ازدراء الحكم المستبد لا يعني كرهًا لاستقلال إريتريا، أو الرغبة في العودة للاحتلال الإثيوبي. مطلقا!».
وأوضح أن «أفضل رد على السفير المضلل هو أن يقوم الإريتريون في جميع أنحاء العالم بتنظيم احتفالات ملونة بعيد الاستقلال في 24 مايو، وعلى الجالية الإريترية في إثيوبيا ضمان دعوة السفير وإعطائه منصة للاعتذار للشعب الإريتري عن تعليقاته المسيئة».
وبالنسبة للناشط الحقوقي والسياسي الإريتري، صابر رباط، لم تصدمه تصريحات دينا مفتي، قائلًا «منذ أن اعتلى آبي أحمد السلطه في إثيوبيا وزيارته لأسمرة التي أنهت قطيعة عقدين من الزمان وتوجت بعدد من الاتفاقيات السرية، أنتجت الحرب الأخير في إثيوبيا، ولا زالت التجاوزات الدبلوماسية والتصريحات التي تتعدى على السيادة الإريترية تخرج على مرأى النظام الإريتري، وتتكرر بين الحين والآخر في عدة مناسبات، ولكن السياق الذي جاءت فيه هذه المرة كان جريئًا ومستفزًا جدًا للشعب الإريتري في عمومه، سواء كان معارضًا للنظام أو حتى داعمًا له».
وأكد أن «تلك التصريحات تشكك في نضالات استمرت زهاء الثلاثون عاًما من الكفاح المسلح ضد الاستعمار الإثيوبي توج باستفتاء شعبي ونزيه صوت فيه الإريتريون بنسبة 99.98 % للاستقلال، وفي تقديري أن هذه التصريحات ليست بالعفوية ولم تأتِ سهوًا من مؤسسة دبلوماسية عريقة مثل الخارجية الإثيوبية، بل هي جزء من مخطط آبي أحمد ومشروعه التوسعي لإعادة إنتاج الإمبراطورية الإثيوبية، وما هذه التصريحات إلا بالون اختبار لردود أفعال الشارع الإريتري من أي خطوة في هذا الاتجاه وتقدير سيناريوهات المرحلة المقبلة».
وأشار إلى تصريحات السفارة الأمريكية على صفحتها الرسمية على (فيسبوك) بعد يوم واحد فقط من تصريحات دينا مفتي، قائلًا «كانت رسالة واضحة موجهة لرأس النظام الإريتري أولًا، ثم لشركاءه في أديس أبابا، للحذر من أي خطوات غير محسوبة في هذا الاتجاه، والإثيوبيون يعلمون جيدًا قبل غيرهم حساسية الإريتريين من هذا الشأن، وأن أي مساس باستقلالهم وسيادة بلدهم خط أحمر، وخصوصًا إذا كان هذا العدوان من طرف إثيوبيا (عدوهم التاريخي)».وأمام غضب الشعب الإريتري حاول دينا مفتي التراجع عن تصريحاته بشكل غير رسمي، بحجة أن تصريحه أسيئ فهمه، لكن إزاز أوضح أن «هذا التراجع لا يعني زوال المهدد في ظل وجود النظام الإريتري غير المؤتمن على المحافظة على سيادة الوطن، وفي ظل المطامع الإثيوبية المتصاعدة التي برزت بعد التغيير الذي دفع بآبي أحمد إلى دفة الحكم في إثيوبيا».