أحمد الجارالله: نظام طهران… اختراقٌ مكشوفٌ وتخصيب أكاذيب وأزمات
لا شكَّ أنَّ ما يجري في إيران مضحكٌ إلى حدِّ البُكاء؛ بسبب قصر نظر قادة نظام الملالي، الذين يتوهمون أنَّ ما يُروِّجونه داخلياً، وينساق إليه زبانيَّتُهُم في الإقليم، يُمكن أن ينطلي على المجتمع الدولي.
ففي الوقت الذي أعلنت فيه وكالة الطاقة الذرية الإيرانية أنها رفعت تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة، وإنتاجها تسعة غرامات من اليورانيوم النقي في الساعة، فيما خرج الرئيس حسن روحاني مُعلناً قدرة بلاده على الوصول بالتخصيب إلى 90 في المئة، كشف نواب في البرلمان زاروا مفاعل نطنز عن أن الدمار الذي حلَّ فيه كبيرٌ جداً، نتيجة مواد شديدة الانفجار تزن نحو 150 كيلوغراماً أدخلت إليه عبر أجهزة تمَّت صيانتُها، بينما أماط أمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، اللثام عن سرقة وثائق البرنامج النووي، التي كان أعلن نتانياهو وضع يد الاستخبارات الإسرائيلية عليها قبل سنتين.
أياً كانت الحقيقة، التي يُحاول نظام طهران إخفاءها، ثمة جانب آخر من الصورة يفرض البحث والتدقيق، فهو يُكرر منذ العام 1999، وعلى لسان كبار مسؤوليه، ومنهم خامنئي نفسه، أن برنامجه النووي سلميٌّ، ومن المعروف أن هذا النوع من البرامج لا يتخطى التخصيب فيها عتبة الخمسة في المئة، أو حتى 20 في المئة، في أفضل الأحوال، وبالتالي حين تعلن طهران أنَّ ردَّها على حادثة نطنز هو برفع درجة التخصيب إلى تلك النسبة، فلا تفسير له إلا أن المنظومة النووية مُهيأة أصلاً لتكون برنامجاً عسكرياً وليس سلمياً، وأن النظام من رأس الهرم إلى أصغر مسؤول، يُراوغ ويُخفي نيَّته الشريرة في هذا الشأن.
لذا، فإنَّ كلَّ تقارير المنظمات الدولية، وعقوبات الولايات المتحدة الأميركية، وحتى التي تتخذها إسرائيل، لوقف هذا البرنامج، كانت مُحقة.
في هذا الشأن، تبدو الصورة مُتشابهة بين كوريا الشمالية وإيران، فبيونغ يانغ ماطلت ولم تفتح المنشآت النووية أمام المُفتشين الدوليين لسنوات، لكنها فجأة أعلنت تصنيع قنبلة ذرية، وصواريخ بالستية يصل مداها إلى آلاف الكيلومترات، وبالتالي لا يُمكن الوثوق بهذا النوع من الأنظمة المُغامرة والمارقة، والتي تتشابه بالأهداف والمُخطط، وربما تتفوق طهران على بيونغ يانغ أنها تمارس الإرهاب الشامل عبر بناء شبكات تخريب على غرار “القاعدة” و”داعش” و”حزب الله” وغيرها من المنظمات التي مارست الإرهاب في العالم أجمع.
لذا لا يُمكن لأي دولة ضمان هذا النوع من الأنظمة، فعلى سبيل المثال عجزت كلٌّ من الصين وروسيا عن إعادة نظام حزب العمال الكوري الشمالي إلى الساحة الدولية، بسبب استمراره بالخروج على المواثيق والاتفاقات، ولهذا فإنَّ موسكو وبكين لن تستطيعا إعادة تعويم نظام طهران، الذي لا يختلف عن نظام بيونغ يانغ، بل إنَّ روسيا والصين، كما الولايات المتحدة والدول العربية والأفريقية، اكتوتا بنار الإرهاب الإيراني، ولذلك فإن النظام لن يتوانى عن تصدير أسلحة الدمار الشامل إلى زبانيته لممارسة الابتزاز النووي حتى في الدول التي يعتبرها صديقة.
لا شكَّ أنَّ واشنطن وتل أبيب، لن تسمحا بوصول مجانين الحكم في إيران إلى نقطة اللاعودة بهذا المشروع، وبالتالي فهما ستستمران بسعيهما إلى حماية حلفائهما، وجيران إيران من مغبَّة أي تصرُّفات رعناء على شاكلة إسقاط الطائرة الأوكرانية.
أضف إلى ذلك أنَّ الشعب الإيرانيَّ، الذي يرزح تحت وطأة أزمة معيشية خانقة مستمرة منذ أربعة عقود بسبب توظيف كلِّ مُقدرات الدولة للبرامج العسكرية ودعم الإرهاب، لن يصبر طويلاً، لاسيما بعد اتساع رقعة المعارضة، ورغم أنَّ عقاب نظام طهران بات أمراً مُلحَّاً عالمياً، لكنَّ الوسيلة الأنجع هي بدعم المُجتمع الدولي للمُعارضة، فهي وحدها قادرة على إسقاط النظام من الداخل في ظلِّ غياب قرار أممي بتأديبه من الخارج.