قطر تعيد تفعيل الورقة “الحقوقية” لاستئناف حملتها على البحرين الحذرة في التصالح معها
*الجزيرة ومن ورائها قطر تحاولان التقاط انتقادات غربية لأوضاع السجون في البحرين واستخدامها ورقة ضغط على المملكة التي أبدت حذرا في السير بمسار المصالحة.
*قطر لم تكن بعيدة عن اضطرابات البحرين مطلع العشرية الماضية
تؤشّر حملة تشنّها قطر على مملكة البحرين باستخدام ذراعها الإعلامية قناة الجزيرة الفضائية باستخدام الورقة الحقوقية، على أنّ المصالحة التي أرستها قمّة العلا الخليجية بين قطر ومجموعة الدول التي كانت قد قاطعتها منذ سنة 2017 لا تسير بنفس السلاسة على المسار القطري – البحريني، ما يدفع الدوحة إلى العودة إلى أسلوبها المعهود في شنّ الحملات على المنامة.
ردّت وزارة الداخلية البحرينية بشدة على تقرير أوردته قناة الجزيرة القطرية عن وضع الأطفال في مركز رعاية الأحداث بالبحرين. وقالت إنّ نزلاء المركز الإصلاحي يتمتّعون برعاية حقوقية لا تتوفّر في قطر نفسها، معتبرة أنّ ما أوردته القناة مجرّد ادّعاءات ضمن “الحملة التحريضية الممنهجة للقناة المذكورة ضد مملكة البحرين وشعبها”.
ويرسم رد الوزارة مسارا مختلفا لاحتمالات المصالحة بين المنامة والدوحة عن ذلك الذي تحاول قطر رسمه مع السعودية، ويفتح المجال لمواجهة متجددة بعد هدوء نسبي أعقب قمة العلا الخليجية.
ويبدو أنّ الجزيرة ومن ورائها قطر كانتا تحاولان التقاط انتقادات غربية لأوضاع السجون في البحرين، واستخدامها في تسليط ضغوط على المملكة التي أبدت حذرا في السير بمسار المصالحة دون ضمانات واضحة.
وتم خلال الفترة الأخيرة رصد حالة استثنائية من تسليط الأضواء على المؤسسات العقابية البحرينية من خلال سيل من الانتقادات تراوحت بين التشكيك في إجراءات التوقي من انتشار وباء كورونا داخلها وطريقة معاملة المقيمين فيها.
وقد استدعت انتقادات أوروبية وجّهت لحكومة البحرين بشأن وضع السجون في المملكة ردا من مجلسي الشورى والنواب البحرينيين، إضافة إلى توضيحات وزارة الداخلية.
وكذّبت الداخلية البحرينية ما ذكرته القناة القطرية بشأن توقيع أعضاء بمجلس العموم البريطاني عريضة تندد بالإساءة لأطفال بحرينيين محتجزين، مشيرة إلى خلوّ تقرير الجزيرة من أسماء هؤلاء النواب البريطانيين أو شكل الوثيقة المذكورة.
وقالت في منشور أوردته وكالة الأنباء البحرينية “إنّ الواقع الميداني يؤكّد أن النزلاء في الفئة العمرية من 15 حتى 18 عاما، يقضون عقوباتهم المحكوم بها في مركز إصلاحي خاص، ولا يُسمح لهم بالاختلاط بأي حال مع الفئات العمرية الأخرى، كما أن مركز رعاية الأحداث، والذي يتضمن الفئة الأقل من 14 عاما، وتشرف عليه الإدارة العامة للشرطة النسائية، ليس به سوى 8 أشخاص محكومين في قضايا انحراف وما شابه ويخضعون لإجراءات قانونية ورعاية حقوقية ليس لها مثيل في الدولة التي ترعى القناة المذكورة”، في إشارة إلى قطر.
كما اتّهمت الجزيرة بشنّ حملة على البحرين من خلال الإساءة إلى المكتسبات الوطنية التي حققتها المملكة.
وذكرت في منشورها أنّ إقامة الأطفال في المؤسسات الإصلاحية والعقابية تضبطه قوانين واضحة مشيرة إلى قانون العدالة الإصلاحية للأطفال الذي “يشكل إحدى علامات الرعاية والحماية من سوء المعاملة حيث قضى برفع سن الطفل إلى 18 سنة تماشيا مع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، كما أنه لا مسؤولية جنائية على من هم دون 15 سنة، وتتخذ بحقهم تدابير احترازية، فضلا عن إنشاء اللجنة القضائية للطفولة والتي تنظر في حالات تعرض الطفل ما دون 15 سنة للخطر أو سوء المعاملة. كما يتضمن القانون إنشاء لجنة قضائية تختصّ بالنظر في طلبات استبدال العقوبات المقضي بها قبل نفاذ هذا القانون للأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم 18 سنة وقت ارتكاب الجريمة، وإنشاء محاكم العدالة الإصلاحية للطفل بحسب نوع الجريمة المرتكبة للطفل المتهم وعمره يتراوح بين 15 و18 سنة”.
وشدّدت الداخلية البحرينية في ختام المنشور على أنّ “هذه الحملات الممنهجة التي تتعرض لها مملكة البحرين لن تزيدنا إلا إصرارا على إنفاذ القانون واتخاذ الإجراءات القانونية الهادفة لتعزيز الأمن وحماية السلامة العامة”.
كذلك ردّت الوزارة على ما ورد على ألسنة نواب أوروبيين بشأن تعرّض السجناء في البحرين لخطر وباء كورونا، مؤكّدة في توضيح منفصل أن “الإجراءات الاحترازية والتدابير التي تم تطبيقها في مركز الإصلاح والتأهيل (سجن جو) وبشكل استباقي منذ ما يزيد عن عام كانت فعالة في التعامل مع الموقف حيث تم التعامل مع حالات محدودة (من الإصابة بالوباء) ولاحقا تم نقلها لتلقي الرعاية في أحد المراكز الطبية المخصصة للحجر الاحترازي”.
الحملة القطرية الجديدة على البحرين توظّف التركيز الاستثنائي من قبل دوائر غربية على أوضاع السجناء في المملكة
كما أكدت مواصلة الالتزام بالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية المطابقة للمعايير والتي تم إقرارها من قبل فريق البحرين الطبي وذلك للتعامل مع أي حالات مستجدة، داعية أعضاء البرلمان الأوروبي إلى ضرورة الالتفات إلى الآلاف من الحالات المصابة بفايروس كورونا ومن بينهم أطفال في سجون دول الاتحاد.
ومن جهتها أيدت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى البحريني رد الوزارة على البرلمانيين الأوروبيين، داعية أعضاء البرلمان الأوروبي إلى عدم التدخل في الشأن الداخلي لمملكة البحرين.
وأشارت إلى أنّ الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية والرعاية الطبية والالتزام بشروط الصحة والسلامة وفقا للمعايير الدولية التي اتخذتها وزارة الداخلية منذ ما يزيد عن عام وشملت بها جميع السجناء كانت فعالة في التعامل مع الموقف.
وأوضحت اللجنة أنها قامت بزيارة ميدانية مباشرة إلى المركز والوقوف على الالتزام بالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية ووجدت الرعاية التامة المطابقة للمعايير والتي تم إقرارها من قبل فريق البحرين الطبي وذلك للتعامل مع أي حالات مستجدة بالإصابة بكورونا بين السجناء.
وأهابت اللجنة بأعضاء البرلمان الأوروبي ضرورة التواصل مع أعضاء المجلس النيابي واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية “دون الانسياق خلف مغالطات ومعلومات مضللة من جهات مسيئة دأبت على بث الشائعات والأخبار غير الصحيحة”.
ومنذ اندلاع أحداث الربيع العربي في مطلع العشرية الماضية، وجّهت مملكة البحرين اتهامات متكرّرة لقطر بالتدخل في شؤونها الداخلية ومحاولة زعزعة استقرارها، وذلك استنادا لتواصل شخصيات قيادية قطرية مع المعارضة الشيعية التي كانت حينذاك تقود محاولة تفجير انتفاضة ضدّ النظام في المملكة على غرار ما حدث في بلدان عربية أخرى.
ورغم أن مسار المصالحة الذي أطلقته قمّة العلا الخليجية التي احتضنتها المملكة العربية السعودية شمل جميع الدول الأربع التي كانت تقاطع قطر بما فيها مملكة البحرين، إلاّ أن الفتور بدا واضحا على تطور العلاقة القطرية البحرينية قياسا بالتحسّن السريع في العلاقة بين الرياض والدوحة. وجاء التراشق الأخير حول وضع السجون في البحرين ليؤشّر على إمكانية الانتقال مجدّدا من وضع “المصالحة الباردة” بين البحرين وقطر إلى وضع المواجهة السياسية والدبلوماسية الصريحة بينهما.
*العرب