غموض يحيط بتوقيف وزير المالية القطري.. الذراع المالية للشيخ تميم
تزامن صعود العمادي مع تسلّم الشيخ تميم السلطة، وساعد في الحد من نفوذ حمد بن جاسم ونافذين من عائلة المسند.
أثار قرار السلطات القطرية توقيف وزير المالية علي شريف العمادي على خلفية الاشتباه بتورطه في قضايا فساد وسوء استغلال سلطته، تساؤلات عن هذه الخطوة وعمّا إذا كان الأمر يقف فعلا عند اتهامه بالفساد داخل الوزارة مثلما أعلن أم أن له خلفيات وأبعادا أخرى؟
وقالت وكالة الأنباء الحكومية “قنا” إن النائب العام “أمر بالقبض على وزير المالية (للتحقيق معه) بشأن ما ورد في تقارير متعلقة بجرائم الخدمة المدنية التي تنطوي على الإضرار بالمال العام، وإساءة استخدام الوظيفة، وإساءة استخدام السلطة”.
واستغربت أوساط قطرية متابعة توقيف الوزير الذي يعد بمثابة الذراع اليمنى لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وقد ارتبط صعوده بصعود الشيخ تميم الذي أسند إليه مختلف الملفات المالية لقطر، حيث يدير أو يساهم في أهم المؤسسات المالية مثل بنك قطر الوطني وصندوق الثروة السيادي للبلاد.
وكشف مصدر قطري لـ”العرب” أن لا أحد في الدوحة يصدق أن العلاقة المتينة بين الأمير والوزير تنتهي إلى هذه النهاية المأساوية، والتي تظهر أن العمادي لم تعد له الآن أهمية بعد أن نفذ المهمات التي طلبت منه في السابق.
وقال المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إن العمادي لعب أدوارا مهمة لصالح الشيخ تميم في بداية استلامه الحكمَ من بينها نجاحه في “حجب نفوذ” رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم والمحيطين به، كما لعب دورا مماثلا في استبعاد أشخاص مهمين من عائلة المسند (عائلة والدة الشيخ تميم الشيخة موزة) من هياكل وشركات حكومية كبرى، والحد من نفوذهم.
وأضاف أن العمادي شخص محوري ومهم جدا في المنظومة المالية التي تأسست مع صعود الشيخ تميم، وتسلط عليه الأضواء في ملفات الدعم التي توجهها قطر للجماعات الإسلامية المختلفة طيلة السنوات الماضية، ما يجعل التضحية به لمجرد تجاوزات في وزارة المالية أمرا غير مقنع، وأن الأمر قد تكون له قصة أخرى أوسع تتعلق بالمؤسسات المالية القطرية بالعموم وليس فقط الوزارة.
وتساءل نشطاء ومتابعون كيف يمكن للوزير الذي منحته مجلة “ذا بنكر” العالمية في 2020 جائزة أفضل وزير مالية في الشرق الأوسط أن يتغير بهذه السرعة والسهولة من وزير نموذجي إلى متهم بالفساد.
وتوقع الباحث الإماراتي وأستاذ العلوم السياسية عبدالخالق عبدالله أن تكون هناك دوافع سياسية خفية للإطاحة بالوزير القطري وذات علاقة بتصفية حسابات بين رؤوس كبيرة مسكوت عنها وكانت كامنة ثم برزت فجأة للعلن.
وقال عبدالله في تصريح لـ”العرب” “هناك رؤوس كبيرة حان وقت اقتطافها وقد نسمع المزيد من هذه الأخبار في القادم من الأيام”.
وأضاف “وزير المالية القطري المتهم بالفساد والاعتداء على المال العام صنف كأفضل وزير مالية في الشرق الأوسط قبل سنة، وقطر هي ثاني أفضل الدول العربية والخليجية في مؤشر الشفافية ومكافحة الفساد بعد الإمارات لذلك يأتي خبر إلقاء القبض عليه من قبل النائب العام محيرًا ومثيرًا للدهشة”.
ولم يسبق أن حدثت اعتقالات بحق مسؤولين كبار في قضايا فساد في قطر، وأوضحت مصادر رسمية أنّ العمادي هو الشخصية الأبرز التي تواجه مثل هذه المزاعم في ظل حكم الشيخ تميم.
ويتولى العمادي وزارة المالية منذ عام 2013 ويشغل أيضا منصب عضو مجلس إدارة صندوق الثروة السيادي بالبلاد، وهو جهاز قطر للاستثمار الذي تبلغ قيمة أصوله 300 مليار دولار.
كما يرأس مجلس إدارة بنك قطر الوطني أكبر مصرف في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويشغل منصب رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية القطرية، وهو أيضا عضو مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار ورئيس لجنة الاستثمار.
*العرب