حمزة عليان : من يحمي اللبنانيين في الخليج؟
بعدما هدأ الغبار بات السؤال مستحقاً، هل اللبنانيون في بلدان مجلس التعاون الخليجي مهدّدين بالطرد؟ من حق اللبنانيين وغيرهم من أبناء الجاليات أن يخافوا أو يقلقوا عندما يستشعرون أن الأعين مصوّبة باتجاههم حال ارتكبت دولتهم أو أي حزب وتجمع “خطيئة ما” تجاه هذه الدول، فما بالك عندما يخرج “رأس الدبلوماسية” اللبنانية عن الأصول لينافس فيصل القاسم وبعض ضيوفه على محطة “الجزيرة” بالتعبير الأهوج والمتدني عن آرائه؟ قد لا يكون اللبنانيون يشبهون غيرهم من الجاليات والتي تزيد على 12 مليون “وافد” يعملون ويعيشون في الدول الست بمجلس التعاون، فما زال لديهم “رصيد” مستثمر لدى قادة وشعوب المنطقة وإن إهتزت الصورة بعض الشيء باتجاه مجموعات معينة في اللحظة التي يتم ربطها بهذا “الزعيم” أو ذاك “القائد” الذي يحسب عليهم! إلى حد قريب كان اللبنانيون يعاملون بأنهم الجالية “السوبر” والمفضلة عند غالبية أبناء المنطقة نظراً لما يتمتعون به من مزايا وانفتاح وتعايش استمدوها من بيئتهم الأصلية، وإن أخذت هذه الصورة أيضاً تظهر على غير ما هي بالأصل. من يرصد أحوال المنطقة الخليجية وما تنعم به من استقرار ورخاء معيشي واقتصادي قياساً على “أحزمة النار” التي تنتقل من بلد عربي إلى آخر، يدرك أن هذه البقعة الجغرافية في دائرة التسابق عليها، ليس فقط من الجاليات العربية، بل من الأسيوية والأوروبية. هذا على صعيد فرص العمل والتجارة، فالخليج اليوم يبقى الساحة الأفضل والأكثر طلباً. المفاضلة بين الجاليات العاملة لم تكن جديدة وتوزيعها بحسب القطاعات والمهن أيضاً واضح، فهناك جاليات متخصصة بأعمال التمريض على سبيل المثال كما هو شأن أبناء ولاية كيرالا في الهند، أو تستحوذ على قطاع بيع وتجارة المواشي والدواجن كما هو عند أبناء بنغلادش، وإذا شئنا التوسع قليلاً، سنرى أن بعض تلك الجاليات تحولت إلى “مافيا احتكارية” تهيمن على سوق لبيع قطع غيار السيارات وهكذا. الجاليات اللبنانية في الخليج تعرضت إلى عدد من الهزات، وقد يحدث هذا الشيء مع جاليات أخرى، فالتعميم بهذه الحالات لن يكون مفيداً. وغالباً ما كانت مرتبطة بما يحدث في البلد الأم، الذي انعكست أزماته السياسية والطائفية على أبنائهم في الخارج. إحدى المشاكلات المزمنة التي يعانيها عدد من اللبنانيين في بلاد الاغتراب أنه ينقل انتماءاته الطائفية الحزبية معه أينما رحل ليس فقط من يعمل في الخليج بل في كندا وأوستراليا؟ لكن هذه “الاهتزازات” سرعان ما تزول وتعود الأمور إلى طبيعتها الأولى. ما حصل أخيراً، أو لنكن أكثر تحديداً في السنوات الأخيرة، أن “المرض اللبناني” في الداخل استشرى بانقساماته وبحالة الإرتهان التي يعيشها للخارج وتوسع إلى حيث توجد الجاليات اللبنانية في العالم، وهذا واقع ومن غير المقبول المجاملة فيه أو الابتعاد عنه. دخلت “القضية اللبنانية” إلى البيت الخليجي ومن أوسع أبوابه اختلطت فيها عناصر التأزيم مع عناصر التهدئة. أقحموا بخلافاتهم هذه الجالية التي تنتشر في عواصم الخليج الست وبما يناهز النصف مليون شخص. وُضعت الجالية اللبنانية بين سندان الخلافات والصراعات الداخلية في بلدهم وبين تجاذبات سياسية لها علاقة ببعض بلدان الخليج.إذاً كيف يبدو المشهد الآن بعد تلك الزوبعة؟ خرج صوت #اللبنانيين في الخليج بوضوح وطغى على ما عداه، والبيانات الصادرة عنهم، أعطت ضمانات ليس بغرض تحييدهم عن تلك الصراعات، بل حررتهم من أن يكونوا مختطفين لدى زعماء وسياسيين وأحزاب باتوا في عالم آخر؟ مجالس رجال الأعمال والكيانات اللبنانية في دول مجلس التعاون، وبالأخص من الكويت والسعودية والإمارات عزفت لحناً واحداً، نحن أوفياء لهذه الشعوب والقيادات وسنبقى كذلك. هم أنفسهم قدروا أن الخروج من هذا النفق لا بد من أن يترجم بممارسات واقعية على الأرض. قالوا كلاماً واضحاً غير مقبول المساس بسيادة وسمعة هذه الدول. نحترم قوانينها وقادتها كما نحترم شعوبها على حد سواء. هناك مصلحة حقيقية وليست في مدار “العبث” و”الصبيَنة” من أي جماعة أو أحزاب ببقاء هذه الجاليات في الخليج بصورتها التي عرفت بها منذ عقود، فلنحافظ عليها.