السيـد زهــره : مواقع التواصل.. شركاء في الجريمة
قبل نحو أسبوعين قرأت مقالا طويلا للدكتور محمد سحيمي، وهو أستاذ بجامعة جنوب كاليفورنيا الأمريكية. في المقال يتحدث عن تجربته مع مواقع التواصل الاجتماعي أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة وما حدث له. ما قاله يستحق التوقف عنده.
تحدث بداية عن المعاناة الرهيبة التي يعيشها أهل غزة أصلا تحت الحصار الجائر الذي يفرضه أصلا الاحتلال الإسرائيلي الأمر الذي يجعل أكثر من 2 مليون فلسطيني في القطاع يعيشون في سجن كبير مفتوح. ثم جاء العدوان الإسرائيلي الوحشي الأخير بكل ما ارتبط به من جرائم معروفة.
وقال انه من الطبيعي إن تتعاطف الشعوب في العالم كله مع الشعب الفلسطيني في معاناته وفي مواجهة هذا العدوان. وقال انه مثله مثل الكل يتضامن مع شعب فلسطين في كفاحه وفي ظل معاناته الرهيبة خصوصا في العدوان الأخير.
ويقول انه بالنظر إلى إن الغالبية الساحقة من أجهزة الإعلام الأمريكية الكبرى معادية للفلسطينيين ومؤيدة لإسرائيل، فلم يكن أمامه مثله مثل الآخرين سوى اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائه ومواقفه ومشاعره. غير ان ما حدث له كان صادما.
يقول الأستاذ الجامعي انه لجأ إلى موقعه على الفيسبوك وكتب فيه ما يلي: «مثلما حدث حين أصبح شعار «حياة السود تهم» رمزا للكفاح ضد التمييز العنصري ووحشية الشرطة ضد السود في الولايات المتحدة، دعونا نرفع شعار «حياة الفلسطينيين تهم» ليكون رمزا عالميا يوحد العالم في تضامنه مع الشعب الفلسطيني».
يقول الأستاذ إنه بمجرد أن كتب هذا على موقعه، قام فيسبوك بحذف موقعه فورا. أي لأنه كتب فقط ان «حياة الفلسطينيين تهم» حذفوا موقعه وأغلقوه.
كما نعلم، ما حدث لهذا الأستاذ حدث للمئات بل الآلاف في الوطن العربي والعالم أثناء العدوان على غزة.
طوال فترة العدوان وبعده تابعنا كتابات لمئات من المواطنين العرب يشكون من قيام مواقع التواصل بحذف مساهماتهم التي تحمل تعاطفا وتأييدا للشعب الفلسطيني أو توجه انتقادات للاحتلال الإسرائيلي.
نقابة الصحفيين الفلسطينيين ذكرت في بيان أصدرته ان مواقع التواصل الاجتماعي تدعم جرائم الاحتلال وأنها فتحت منصاتها لدعوات التحريض على قتل الفلسطينيين.
النقابة استندت إلى تقرير أصدره مركز حملة لتطوير الإعلام الاجتماعي، وثق 500 بلاغ لانتهاك الحقوق الرقمية في فلسطين في خلال أسبوع واحد خلال الفترة من 6-11 مايو الجاري، ارتكبت 50% منها منصة انستجرام، فيما ارتكب موقع فيسبوك 35%، وتوزعت البقية على موقع «تويتر» ومنصة «تيك توك».
هذه الانتهاكات شملت إزالة المحتوى، وحذف وتقييد الحسابات، وتخفيض الوصول إليها وإخفاء متعمدا للوسومات «هاشتاج».
إذن، ليس من المبالغة فعلا القول ان مواقع التواصل الاجتماعي كانت شريكا إعلاميا وسياسيا للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على الشعب الفلسطيني بكل جرائم الحرب التي ارتكبها.
كانت شريكا بتعمدها التستر على جرائم الاحتلال وحجب ما يفضح هذه الجرائم، ومنع نشر أي مساهمات تتضامن مع الشعب الفلسطيني.
لماذا تفعل مواقع التواصل الاجتماعي هذا؟.
حين أصبح الأمر بمثابة فضيحة إعلامية وسياسية عالمية تخبطت مواقع التواصل هذه ولم تعرف كيف تبرر ما فعلته. قالوا تارة انهم يمنعون فقط ما يبث على الكراهية والعنف، وقالوا تارة أخرى ان خللا تقنيا غير بشري هو الذي تسبب فيما حدث.
بالطبع الكل يعلم ان هذا كذب.
حقيقة الأمر اننا إزاء ظاهرة في منتهى الخطورة ليس فقط فيما يتعلق بفلسطين وانما بكل الدول العربية.
للحديث بقية بإذن الله.