أحمد الصراف : مرزوق.. المَصدّة الأخيرة
■ توجهات غالبية – إن لم يكن كل – من يطلق عليهم «المعارضة» غريبة.. لا بل ومخيفة لمستقبل هذا الوطن وأبنائه
■ هؤلاء سيعودون لسابق جذورهم التي انطلقوا منها عند أول اختلاف على تقاسم الكيكة.. متى ما نجحوا في التخلص من أيّ من الرئيسين أو من كليهما!
■ الكويت ومنذ تأسيسها دولة مدنية وتكرَّس ذلك في دستور «عبدالله السالم» الذي لو عاد للحياة وتفرس في وجوه من يسمون بالمعارضة لعاد لقبره حزينا
■ أدعو للتمسك بالرئيس مرزوق الغانم ليس لشخصه.. بل لما يمثله من استمرارية «مدنية الدولة».. فهو اليوم حائط الصد الوحيد وخسارته تعني العودة للكابوس
بسبب حالة الشك في أي حرف يكتب او كلمة تقال فإني أجد لزاما علي توضيح بأن ليس بيني وبين السيد مرزوق الغانم أية علاقة شخصية أو مادية، ولا أذكر انني التقيت به. وبالتالي ما سأكتبه هنا يمثل قناعتي الخاصة.
نظرت مطولا للصورة التي انتشرت للنائب عبيد الوسمي، وهو يتصدر قاعة مجلس الأمة من مقعد رئيس المجلس، بعد رفع الجلسة الأخيرة بسبب غياب الحكومة عنها.
سرحت بأفكاري وذهبت بعيدا، محاولا تخيل السيناريو الذي سيكون عليه الوضع لو نجح «الانقلاب» وعُزل الرئيس مرزوق من منصبه، وقُدر للنائب عبيد الوسمي، او أي نائب من الفريق الذي يديره، أن يصبح رئيسا لمجلس الأمة، وهذا بطبيعة الحال طموح مشروع، فالكرسي ليس حكرا على فئة دون غيرها… ولكن!
بخلاف كل الدول العربية والإسلامية، تبقى الكويت الوحيدة التي «لا تزال تمثل» الحضن الدافئ، او المطمئن، للحركات الدينية المتشددة. كما أن قوة ونشاط الحركتين، القبلية والطائفية، بازدياد، مع زيادة وتيرة الاستقطابات، واستمرار غياب الحسم الحكومي.
من خلال مراقبتي لمجريات الأحداث، ولعبة القط والفأر، بين الحكومة وبعض أعضاء المجلس، وجدت أن هناك مآخذ على الطرفين، ووجدت أيضا أن توجهات غالبية – إن لم يكن كل- من يطلق عليهم «المعارضة» غريبة، لا بل ومخيفة لمستقبل هذا الوطن وأبنائه.
فبالرغم من بعض الشك في نوايا الحكومة، والكثير من الاقتناع بعجزها شبه التام عن القيام بإصلاحات جذرية، لا علاقة لمجلس الأمة بها، وهزال الفريق الحكومي، فإنه من شبه المستحيل قبول مطالب ما يسمى بالمعارضة، أو الاقتناع بمجمل مواقفهم من مدنية الدولة، أو لا طائفيتها أو لا قبليتها. فكل هؤلاء سيعودون لسابق جذورهم التي انطلقوا منها عند أول اختلاف على تقاسم الكيكة، متى ما نجحوا في التخلص من أي من الرئيسين أو من كليهما!
كانت الكويت، ومنذ تأسيسها، دولة مدنية، وتكرس ذلك في دستور 1962، دستور «عبدالله السالم»، الذي لو عاد للحياة وتفرس في وجوه من يسمون بالمعارضة لعاد لقبره حزينا على ما آلت إليه الأمور!
وبالتالي أنا أدعو للتمسك بالرئيس مرزوق الغانم، ليس لشخصه، بل لما يمثله من استمرارية «مدنية الدولة»، فهو اليوم حائط الصد الوحيد ربما، أمام تغول وتوغل قوى التطرف الطائفي والقبلي، وحتى قوى الغوغاء.
لا شك أن هناك من يمتلكون نفس قدرات رئيس المجلس، أو حتى أفضل منه، ولكنه اليوم في الواجهة، وخسارته أو إزاحته عن كرسي الرئاسة تعني تلقائيا وصولنا إلى المرحلة الأخيرة من تآكل مدنية الدولة، والعودة للكابوس الذي مثلته الصورة التي أشرت إليها في بداية المقال.