أحمد عياش : البنزين الإيراني بالدولار اللبناني
وصول البنزين الإيراني الى لبنان حدث متعدد الوجوه. احدها يضاف الى كل ما يجري تداوله من انعكاسات خارجية نتيجة خرق جدار العقوبات الدولية المفروضة على نظام طهران. لكن ما لم يأخذ حيزاً وافياً من الاهتمام، فهو إنعكاس الازمة في البيئة الشيعية الحاضنة على صورة “حزب الله” ونفوذه. هذه البيئة شهدت ظاهرة الطوابير الطويلة من السيارات التي أمضى سائقوها ساعات طويلة أمام محطات الوقود للحصول على بضعة ليترات. لا جدال في ان اللبنانيين والمقيمين هم في مركب واحد يكاد يغرق في بحر الازمات العاتية. لكن ان تصبح هذه البيئة مثل سائر البيئات، فأمر له دلالات. إذ لطالما طمـأن الأمين العام للحزب جمهوره، أنه مهما سيحصل في لبنان، سيبقى في منأى عن العوز. ومن يريد دليلا، عليه ان يعود الى كلمة السيد حسن نصرالله التي القاها في الأيام التالية بعد ثورة تشرين عام 2019. وها هو اليوم في مواجهة تسونامي الانهيار يطاول كل لبنان بلا إستثناء. الذهاب الى البنزين الإيراني اليوم بالرغم من كل التردد السابق يعني ان نصرالله صار ملزما إيجاد حل. لكن أوساطا بارزة في البيئة الشيعية، لفتت الى ان زعيم الحزب تصرّف كتاجر وليس كمنقذ. فالسلعة الايرانية ستأتي لقاء ثمن وليس مجاناً. وهذا ما يطرح تساؤلات حول البعد المالي لهذه السلعة. مثلما ان هناك تساؤلات لماذا لم يأت الوقود الإيراني هبة في وقت أشد ما يكون فيه لبنان بحاجة للهبات. حول البعد المالي للبنزين الإيراني، تسأل الأوساط كيف ستتصرف طهران بعوائد سلعتها التي ستكون أولا بالعملة اللبنانية. وتقول ان الامر المؤكد ان الإيرانيين لن يعودوا الى طهران بالليرات اللبنانية ثمن ما أحضروه من وقود، ما يعني ان ما تقاضوه سيبقى في لبنان. لكن ماذا سيحصل بعد ذلك؟ تجيب الأوساط نفسها بتوقعات ان يتولى “حزب الله” النزول الى السوق الداخلي لتحويل هذه العوائد الى دولارات، وهو قادر على ذلك. أما حول وصول الوقود الإيراني كسلعة تجارية وليس كهبة، فترى فيه الأوساط الشيعية برهانا على ان الجمهورية الإسلامية لم يكن قلبها يوما على لبنان، بل هو دوما على فئة او فريق. وهنا تقارن ذات الأوساط بين ما قامت به دول الخليج العربي وفي مقدمها السعودية بمنح لبنان الهبات السخية في أصعب الظروف. ويكفي هنا إستعادة ما قامت به هذه الدول خلال حرب العام 2006 وما بذلته في سبيل لبنان ومن ضمنه البئية الحاضنة. ليس واضحا ما اذا كان نصرالله طلب من مرجعيته في طهران ان ترسل وقودها مجانا. لكن ما تراه هذه الأوساط ان الشعب الإيراني ليس أفضل حالا من الشعب اللبناني وسائر شعوب الدول التي إمتد اليها نفوذ النظام الإيراني، كما هو الحال في سوريا والعراق واليمن. فالمواطن الإيراني له فقط حق الحصول على ثلاث صفائح بنزين شهريا. خلاصة الامر البنزين الإيراني قد يكون ثمنه دولارات لبنان.