لقاء الأخوة والمحبة
تأتي الزيارة التي يقوم بها اليوم حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى المملكة العربيَّة السعوديَّة الشقيقة لِتؤكِّد المكانة التي تحتلُّها المملكة خليجيًّا وعربيًّا ودوليًّا، والمكانة الدينيَّة والرمزيَّة التي شرَّفها الله بها باختصاصها باحتضان الحرمَيْنِ الشريفَيْنِ، ولِتؤكِّد مكانة المملكة وشعبها الشقيق في أفئدة الشَّعب العماني، ولتعكس مدى ما ذهبت إليه العلاقة بين السلطنة والمملكة العربيَّة السعوديَّة من قوَّة وتميُّز، وتَوافُقٍ في الرُّؤى والأفكار فيما يخدم شعبَيْ البلدَيْنِ الشقيقَيْنِ.
ولعلَّ ما يؤكِّد أيضًا هذه المكانة القلبيَّة والتاريخيَّة والحضاريَّة والدينيَّة للمملكة العربيَّة السعوديَّة، هو أنَّ هذه الزيارة لجلالة السلطان المعظم ـ أيَّده الله ـ تُعدُّ الأولى منذ تَولِّيه الحُكم في الحادي عشر من يناير عام 2020م، فاختيار المملكة لتكُونَ الوجهة الأولى لجلالته ليس مصادفة، وإنَّما بناءً على تلك السِّمات والرَّكائز التي ذكرناها، كما أنَّ حرص المملكة العربيَّة السعوديَّة الشقيقة ممثَّلة في خادم الحرمَيْنِ الشريفَيْنِ الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد والشَّعب السعودي الشقيق على التوجُّه شرقًا نحْوَ أول بلد عربي وخليجي تشرق عليه الشمس، نحو عُمان الحضارة والتاريخ والمحبَّة والأُخوَّة له دلالته الكبيرة والعميقة، خصوصًا وأنَّ البلدَيْنِ الشقيقَيْنِ وشعبَيْهما يملكان تاريخًا موغلًا في الحضارة والقِدم، ولديهما رصيد من العلاقات والمشتركات الإنسانيَّة.
إنَّ الاستعدادات الكبيرة من قِبل المملكة العربيَّة السعوديَّة وقيادتها الكريمة وشعبها المضياف لاستقبال جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ أعزَّه الله ـ والاستعداد والاهتمام الكبيرَيْنِ من قِبل القيادة الحكيمة هنا في السلطنة بهذه الزيارة وأهمِّية نجاحها، تؤكِّد الحرص المشترك من قِبل القيادة الحكيمة في البلدَيْنِ الشقيقَيْنِ على تمتين جسور التواصل، وتعزيز العلاقة القويَّة والمثمرة من خلال التبادل والتعاون في العديد من المجالات، حيث ستمثِّل النتائج المرجوَّة على الصعيد الاقتصادي والتجاري والسياحي والثقافي وغير ذلك انعكاسًا طبيعيًّا للعلاقة الممتدَّة ومكانتها الكبيرة ورسوخها القويِّ وتعبيرًا حيًّا عن المكانة القلبيَّة والشعور الأخوي المُتنامي بين القيادتَيْنِ والشَّعبيْنِ الشقيقَيْنِ، لا سيَّما وأنَّ البلدَيْنِ الشقيقَيْنِ يمتلكان رصيدًا من الإمكانات والمقوِّمات الاقتصاديَّة والسياحيَّة والثقافيَّة الذي يؤهِّلهما للاستفادة من بعضهما بعضًا، وتثمير هذه الإمكانات لصالح الشَّعبَيْنِ الشقيقَيْنِ.
كما أنَّ المكانة الاقتصاديَّة للمملكة العربيَّة السعوديَّة ومدى ما وصلت إليه من تقدُّم وتطوُّر وصناعات مختلفة لا أحد يستطيع أنْ ينكره، فضلًا عن المخزون الثقافي، والتطوُّر الزراعي والسياحي والعمراني والتقني وغير ذلك الذي تضفي عليه الرياض كُلَّ يوم مزيدًا من التطوير والاهتمام، الأمر الذي يدعو إلى الاستفادة من هذه التجارب والخبرات. وفي المقابل السلطنة لديها مقوِّمات وإمكانات اقتصاديَّة وسياحيَّة هائلة، وتمثِّل فرصةً جيِّدةً أمام الشركات السعوديَّة ورجال الأعمال والمستثمرين السعوديِّين الأشقَّاء للاستفادة من هذه الفرص واستثمار أموالهم.
على الجانب الآخر، من المؤكَّد أنَّ لقاء الأُخوَّة والمَحبَّة والتَّنمية الذي تستضيفه المملكة العربيَّة السعوديَّة الشقيقة اليوم سَتكُون له نتائجُه المثمرة على صعيد مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربيَّة، وتعزيز مسيرة المجلس، حيثُ الفرصةُ واسعة بين القيادتَيْنِ الحكيمتَيْنِ لبحث المزيد من سُبل التَّعاون والتَّكاتف وبحث القضايا الإقليميَّة والدوليَّة وتطوُّرات الأوضاع وتأثير تلك التطوُّرات على برامج التَّنمية الخليجيَّة، والعمل على كُلِّ ما من شأنه تعزيز كيان المجلس من أجل خدمة أبنائه.
ونسأل الله التَّوفيق والنَّجاح والفلاح للقاء الأُخوَّة والمَحبَّة الذي يجمع جلالة السلطان المعظم بأخيه خادم الحرمَيْنِ الشريفَيْنِ، وأنْ يسدِّدَ خطاهما ويوفقهما لما فيه خير بلدَيْهما وشعبَيْهما وخدمة الأُمَّة والعالم أجمع.. إنَّه سميع مجيب.
*الوطن العمانيه