توجه اقتصادي أوروبي ..السعودية وجهة العالم للاستثمار
في ظل الفرص الاستثمارية الكبيرة التي أتاحتها رؤية المملكة العربية السعودية 2030، كشف الاتحاد الأوروبي أن هناك توجها لدى دول أوروبا نحو السعودية، لتنفيذ مشاريع تنموية واقتصادية مشتركة.
وقال سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية، باتريك سيمونيه، إن نحو 500 شركة تستثمر في السعودية في قطاعات مختلفة من النشاطات التجارية، كما يعمل نحو 20 ألف مواطن أوروبي في المملكة.
وأكد مراقبون أن المملكة العربية السعودية باتت محط أنظار العالم، في ظل النهضة الاقتصادية التي حققتها مؤخرا، وأنها باتت بيئة خصبة لجذب الاستثمارات الأجنبية لا سيما الأوروبية.
توجه أوروبي
وأضاف سيمونيه، خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر مفوضية الاتحاد الأوروبي في الرياض، أن هناك توجها للاتحاد الأوروبي نحو السعودية لتنفيذ مشاريع تنموية اقتصادية مشتركة، وأن تنفيذ هذه المشاريع يأتي من خلال رؤية 2030 ومبادرتها للشرق الأوسط الأخضر والاتفاق الأخضر المطروح على مستوى الدول الأعضاء في الاتحاد.
وأكد السفير الأوروبي أن هناك حزما من الإصلاحات الاقتصادية والتجارية التي يتبناها الطرفان من خلال الزيارات المتبادلة التي تمت بين الوزراء المسؤولين في الطرفين خلال الفترة الأخيرة، بحسب “العربية”.
وأشار إلى أنهم يبحثون عن شراكة استراتيجية يتم خلالها تبادل الأدوار بين الرياض والاتحاد الأوروبي، لا سيما أن لدى المملكة إمكانات اقتصادية كبيرة، وقد قادت قمة مجموعة العشرين بجدارة العام الماضي.
وأضاف السفير الأوروبي أن السعودية برهنت أنها من الدول التي يكون لها دور كبير في العالم من خلال المشاركة والمساهمة في جدول أعمال التعاون الدولي خاصة في مشاريع التحول الرقمي الذي يحتاج إلى الشفافية.
علاوة على دخولها أيضا في طرح حلول لإصلاح منظمتي التجارة العالمية والصحة العالمية ومبادرة التغير المناخي، كما يمكنها أن تساعد في مبادرة تصنيع اللقاحات للدول الفقيرة خاصة برنامج تزويد اللقاحات إلى القارة الإفريقية، بحسب “السفير”.
وقال، إن هذه المشاريع تتمثل في برامج التحول الرقمي والطاقة والتحول إلى الجيل الخامس في ظل وجود أكبر شركتين تعملان في مجال قطاع الاتصالات هما؛ “نوكيا” و”إريكسون”، ومشغلين آخرين في هذا القطاع، والتعافي الاقتصادي من جائحة كورونا.
أهداف أوروبية سياسية واقتصادية
بدوره اعتبر المحلل السياسي المقيم في فرنسا، مصطفى الطوسة، أن اتجاه دول الاتحاد الأوروبي للاستثمار في المملكة العربية السعودية، يأتي في ظل رغبة هذه الدول في استغلال إرادة الانفتاح السعودية على شركاء دوليين جدد غير أمريكا، من أجل فرض تواجد أوروبا في السوق السعودي والخليجي.
وبحسب حديثه لـ”سبوتنيك“، نادت القيادات الأوروبية الفرنسية والألمانية كثيرا بضرورة أن يكون هناك موطئ قدم لدول أوروبا بشكل أكبر وأكثر زخما في السوق الخليجي بشكل عام والسعودي بشكل خاص، حيث كان ينظر للمملكة دائما على أنها تحت النفوذ الحصري الأمريكي.
ويرى الطوسة أن الإدارة الأوروبية لديها قناعة بأن النظام السعودي الجديد بزعامة محمد بن سلمان يريد أن ينفتح على شركاء جدد، وأن لا يكون لدولته تبعية حصرية للولايات المتحدة الأمريكية لأسباب سياسية واستراتيجية.
وأوضح أن دول الاتحاد تريد أن تستغل هذه النافذة لتعود بقوة وبزخم للسوق السعودي، حيث تحمل هذه الاستثمارات طابعا تنمويا، لكن يهدف إلى الربح من الجانب الاقتصادي لدول الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن هناك منافسة قوية بين الشركات الأمريكية العملاقة والصينية والأوروبية للحصول على جزء من كعكة السوق الخليجي والسعودي، وهذه الاستثمارات الأوروبية تهدف في الأساس إلى تقليص الفارق الكبير بين التواجد الأمريكي في المنطقة والياباني والصيني، لصالح الشركات الأوروبية.
مقومات اقتصادية
في السياق ذاته اعتبر ماجد بن أحمد الصويغ، المستشار المالي والمصرفي والاقتصادي السعودي، أن التوجه الأوروبي نحو المملكة العربية السعودية ليس جديدا، فهناك علاقات تجارية واقتصادية ومالية بين المملكة ودول أوروبا منذ القدم.
وبحسب حديثه لـ”سبوتنيك“، أصحبت المملكة العربية السعودية وجهة العالم للاستثمار على أراضيها، وضمن رؤية 2030، وذلك نظرا لسرعة الإصلاحات الاقتصادية والمالية وانضمام المملكة لمجموعة العمل المالي، ومحاربة ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في القطاع المالي ما عزز من عمليات التبادل التجاري والمالي.
وتابع: “كما أن موقع المملكة العربية السعودية بين القارات الثلاث وخطة النقل الاستراتيجية تدعم المملكة في الوقت الحالي لتكون محط أنظار العالم، وأيضا سماح المملكة للشركات العالمية بفتح مقار إقليمية لها على أراضيها دعم هذه الرؤية”.
ويرى الصويغ أن المملكة تستير بخطى ثابتة نحو تنفيذ مشاريع ريادية ومبادرات للشرق الأوسط الأخضر، كما أن هناك حزما من الإصلاحات الاقتصادية والتجارية المتبادلة ما بين المملكة والدول الأوروبية.
وأشار إلى دور المملكة في التصدي الفعال لأزمة كورونا الصحية، وأن العالم يتطلع للاستفادة من تجربتها في هذا المجال، بالإضافة إلى أن المملكة تدعم على مستوى العالم مبادرة التغير المناخي، ودورها الفعال في التحول الرقمي والطاقة والتحول إلى الجيل الخامس في قطاع الاتصالات.
وأوضح الخبير الاقتصادي السعودي أن المملكة أكبر شريك تجاري للدول الأوروبية، وما ذكره السفير الأوروبي ما هو إلا جزء من تطلعات أوروبا والعالم للاستثمار في المملكة العربية السعودية، والتي تتميز بسرعة اتخاذ القرارات وتنفيذها من قبل الحكومة، بأيدي وطنية، أثبتوا كفاءتهم وجودتهم لتحقيق رؤية المملكة 2030.
وقال سفير الاتحاد الأوروبي في المملكة العربية السعودية، إن تنفيذ هذه المشاريع يأتي في ظل كون الاتحاد الأوروبي يعد ثاني شريك تجاري للسعودية بعد الصين، إذ بلغ حجم التبادل التجاري 40 مليار يورو، كما يحتل المركز الأول في جلب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى السعودية.
وكشف أن هناك 20 سفارة أوروبية معتمدة في السعودية تعمل وفق خطط محددة لدعم برامج رؤية 2030.