سعيد الحمد: الأحواز تنتفض ولا بواكي لها
في بواكير وعينا السياسي الذي لم يتبلور وقتها طرق أسماعنا هتاف القوميين العرب عن عروبة الأحواز التي كنا نسمع بها لأول مرةٍ مطلع الستينات من القرن الماضي.
ثم بدأنا نقرأ سطورًا هنا أو هناك من أدبيات ونشرات حركة القوميين العرب التي كان لها الحضور الطاغي في الشارع العربي حينئذٍ.
ثم اختفت الأحواز من الهتافات والأدبيات مع صعود اليسار العربي إلى صدارة المشهد العربي السياسي وعزفنا عن فيتنام وعن هانوي أكثر مما عرفنا عن الأحواز العربية كما قالت لنا حركة القوميين العرب التي ركبت موجة اليسار وراحت تحدثنا عن مآثر ماوتسي تونغ ثورية جيفارا وكاسترو.
وبغض النظر عن الجدليات السابقة واللاحقة، ما يعنينا هنا أن شعب الأحواز ينتفض اليوم ضد كل أشكال العسف والظلم والإهمال والتجويع والتهجير التي تمارسها عليه بوحشية سلطة عمامات قم وطهران.
وهذه الانتفاضة التي فاقت كل الانتفاضات السابقة لشعب الأحواز وسكانها، وخرجت بشجاعة وبكل عنفوان عارية الصدور لتواجه الرصاص ولتتلقى الاعتداءات الوحشية في كل مدن الأحواز وقراها، في مؤشر لا يقبل التشكيك بأن السيل بلغ الزبى ولم يعد الأحوازيون قادرون على تحمل المزيد من الظلم والقمع ومحاولات القتل البطيء لشعب بأكمله.
ومنطقة الأحواز التي تنام على حقول البترول الايرانية يعتبر شعبها من أفقر المناطق الايرانية قاطبة ومن أكثرها ظلمًا وعدوانًا من سلطة الملالي التي وضعت في الفترة الاخيرة خطة واستراتيجية لتهجيره قسرًا من أراضيه.
وهي خطة اعتمدت أول ما اعتمدت على قطع المياه تمامًا عن الاراضي الزراعية وعن السكان لتهديدهم بخطر الموت عطشًا وإرغامهم على هجرة أحوازهم.
وقطع المياه عمدًا لتجفيف الاراضي الزراعية التي يعتاش منها قطاع واسع من السكان هناك، هي خطة فاشية بكل معنى الكلمة لأنها تفتح على الموت عطشًا أو الهجرة قسرًا وغصبًا، لتخلو الأحواز من أهلها وساكنيها وليستوطن آخرون أرضهم في عملية احتلال جديدة تعيد انتاج احتلال الأحواز التي كان بحكها العرب من أهالي الأحواز العربية ولم تخضع للاحتلال إلا بعد القضاء على الحكم العربي فيها.
وبرغم سقوط الشهداء الشباب والأطفال والاعتداء على الشيوخ وكبار السن من سكنة الأحواز وأهاليها، وبرغم ما تحمله الخطة الفارسية الصفوية من مشروع تهجير قسري ينذر باستبدال سكنها العرب الأصليين بسكان طارئين تابعين لنظام قم، إلا أن التغطيات الإعلامية العربية لما يجري هناك ولتفاصيل الانتفاضة كانت خجولة ونادرة وقليلة ولا توازي تفاصيل ما يجري وما يخطط له النظام الايراني.
وهنا لا نعاتب فلا وقت للعتب ولكننا ندعو مدفوعين بضمير المسؤولية الوطنية العربية إعلامنا العربي لأفراد مساحات وافية كافية لانتفاضة الأحواز وتفاصيل أسبابها ودواعيها حتى يقف العالم على حقائق ووقائع ما يخطط له نظام قم وسدنة العنصرية القبيحة.
فقضية شعب الأحواز هي شوكة مغروسة في خاصرة النظام الايراني الفاشي العنصري الذي يمارس سياسة الأرض المحروقة ضد الشعب الأحوازي الأعزل لإرغامه على الهجرة وترك مواطنه ودفن ذاكرته العربية وقطع جذوره وتجفيفها حتى الموت قهرًا وظلمًا.