أحمد الجارالله : تونس تنتفض… وتدفن مشروع “إخوان” الدمار
بعد عقد من المعاناة والمحاولات الشعبية المستميتة لإعادة تونس إلى طريق الصواب، دون جدوى، عيل صبر الشعب، فانتفض الرئيس قيس سعيد على سيطرة حركة “النهضة”الإخوانية التي أدخلت البلاد جحيم عدم الاستقرار، وأحرقت من خرجوا احتجاجاً على مقتل محمد البوعزيزي قبل 11 عاماً كلهم بنيران”الأخونة” آخذة تونس الخضراء إلى اليابس والموت البطيء.
نعم، حين وجدت الرغبة كانت الطريق التي شقتها إجراءات الرئيس سعيد، وهي وفقاً لطائفة من الخبراء القانونيين دستورية بالكامل، وأنها البداية لعملية جراحية كبيرة ومعقدة هدفها استئصال الورم الخبيث الذي كاد يقضي على تلك الدولة السباقة في تحديث القوانين والدستور وفقاً لتطلعات شعبها.
ما يجري اليوم في تونس لا يختلف عن ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013 على حكم “الإخوان” الذين انتشوا كثيراً بعد 25 يناير 2011 بالسيطرة على قلب العروبة تمهيداً لنشر سرطانهم في الجسد العربي كله، من أقصى مغربه إلى أدنى مشرقه.
كلنا يومها قرأنا التهديدات التي أطلقتها جماعاتهم، أكان في السعودية أو الكويت أو غيرها من الدول العربية، فيما كان الملايين يكتوون بنيران فوضاهم، بدءاً من تونس مروراً بليبيا وسورية وصولاً إلى العراق واليمن، وغيرها من الدول حيث اشتعلت الاحتجاجات تحت شعارات حق يراد بها باطل منكر.
اليوم حين تلتف قوى الجيش والأمن حول الرئيس التونسي فهي تعبر عن الإرادة الشعبية العارمة في التخلص من بؤس جماعة عفا عليها الزمن، يقودها راشد الغنوشي، ذاك العجوز الذي يأبى أن يغادر كهوف التخلف، متصوراً نفسه مرشد الدولة، على غرار حليفه غير المباشر في إيران، لذا فالمباركة الشعبية الكبيرة تشبه تماماً مباركة 30 مليون مصري خرجوا تأييداً لإجراءات الجيش قبل ثماني سنوات، وأعادوا بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي بلادهم إلى دورها الطبيعي، عربياً وإقليمياً، وأزاحوا عن كاهلها عبء لصوصية مكتب الإرشاد الممنهجة الذي سعى، برعاية أميركية، لإدخالها نادي الدول الفاشلة.
ثمة من كان يراهن على ربيع عربي ثان، يعيد فيه خلط الأوراق وتذكية نار الفوضى التي خبت مع استعادة بعض الدول زمام المبادرة في وقف مسار التدمير “الإخواني”، إلا أن مبادرات قادتها أحبطت ذلك الإعصار التخريبي، وهو ما فعله قيس سعيد لحماية شعبه وبلاده، بل لا شك أن هذا بداية جمهورية تونسية جديدة على غرار ما فعله شارل ديغول في أواخر خمسينات القرن الماضي بإعلانه الجمهورية الخامسة التي شكلت نقلة نوعية في حياة الفرنسيين، وشجعت على مزيد من الحرية والعدالة والمساواة.
يبقى القول إن من تونس كانت بداية حريق ما سمي زوراً وبهتاناً “الربيع العربي”، ومنها تكتب نهاية عقد من التدمير “الإخواني”.