كريم شفيق : ما مصلحة قطر من تمويل الحرس الثوري الإيراني؟
بعثت تصريحات صادرة عن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية بخصوص دعم قطر لعدة تنظيمات مصنفة على قوائم الإرهاب، من بينها الحرس الثوري الإيراني، جدلاً محتدماً حول صلات الدوحة بالإسلام السياسي، والدور الوظيفي الذي تؤديه الأخيرة لحساب عدة دول بالمنطقة في ظلّ التنافس الجيوسياسي.
وتجلى ذلك خلال العقد الأخير، الذي شهد صعوداً هائلاً للقوى الإسلامية المتشددة والراديكالية، كما هو الحال في سوريا وليبيا واليمن، بينما نجحت في الوصول للحكم بمصر قبل أن تسقط إثر ثورة شعبية، وفي تونس ما تزال تقبض على مفاصل السلطة، وتضغط على آليات الحكم، ما أدى إلى اندلاع الاحتجاجات ضد حركة النهضة، أمس الأحد، في مختلف محافظات تونس في ذكرى “عيد الجمهورية”.
هل تدعم الدوحة الإرهاب؟
وفق وسائل إعلام أمريكية، فإنّ وزارة الخارجية الأمريكية شرعت في التحقيق حول “المزاعم” المتواترة بخصوص تورط قطر في تمويل الحرس الثوري الإيراني، المصنف على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة ودول أخرى؛ إذ قال ناطق بلسان الخارجية الأمريكية: “نحن نبحث في هذه المزاعم”، وتابع المسؤول الأمريكي الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ “قطر والولايات المتحدة لديهما شراكة إستراتيجية وأمنية قوية لمكافحة الإرهاب”.
وقالت إذاعة “صوت أمريكا”، النسخة الفارسية، إنّ إسرائيل قدمت، بالفعل، معلومات استخبارية لإدارة الرئيس الأمريكي حول تمويل قطر للحرس الثوري الإيراني.
وبرزت مسألة تمويل الدوحة للحرس الثوري الإيراني، للمرة الأولى، خلال الاجتماع الذي جمع الرئيس الأمريكي جو بايدن بالرئيس الإسرائيلي السابق رؤوفين ريفلين، بحسب موقع “الحرة” الأمريكي. واللافت أنّه في أعقاب الاجتماع بين الطرفين، صدر بيان عن الجيش الأمريكي جاء فيه أنّ “الولايات المتحدة أغلقت قواعد في قطر كانت ذات يوم تخزن مستودعات مليئة بالأسلحة، وتمّ نقل الإمدادات المتبقية إلى الأردن، حيث إنّ الولايات المتحدة أغلقت معسكر السيلية الرئيس، ومعسكر السيلية الجنوبي، ومستودعاً لذخيرة “فالكون
وشهدت العلاقات السياسية والتجارية والأمنية بين طهران والدوحة قفزة لافتة، في أعقاب مقاطعة دول الرباعي (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) للأخيرة، منتصف عام 2017؛ حيث اشترك البلدان في المجال العسكري، تحديداً في إجراء تدريبات مشتركة بالمنطقة؛ إذ إنّه في النصف الثاني من العام 2019، أعلن قائد القوة البحرية في الحرس الثوري الإيراني الأميرال علي رضا تنكسيري، أنّ الجمهورية الإسلامية وجهت إلى قطر دعوة لجهة إجراء تدريبات مشتركة في المنطقة.
الدوحة منصة لصعود إيران
وبحسب وكالة “مهر” الإيرانية، قال قائد القوة البحرية في الحرس الثوري، إنّ “طهران تتعاون مع بعض دول المنطقة لتعزيز قدراتها الدفاعية، والجمهورية الإسلامية تعتزم إجراء تدريبات مشتركة مع سلطنة عمان والعراق”، وتابع: “بعثنا برسالة إلى قطر أكّدنا فيها أنّنا نستطيع تنظيم تدريبات مشتركة”
كما شارك وفد من القوة البحرية للحرس الثوري الإيراني في مؤتمر لقادة القوات البحرية في الشرق الأوسط “ديمدكس 2018″، في الدوحة، برئاسة نائب قائد القوة البحرية في الحرس الثوري، العميد علي رضا تـنكسيري.
وقال نائب قائد القوة البحرية للحرس الثوري؛ إنّ الظروف تبدو مهيأة، أكثر من أيّ وقت مضى، لما وصفها بـ “تنمية التعاون” مع الدوحة. وأردف: “مشاركة إيران في الدورات الثلاث للمعرض تعني الدعم الإيراني للدوحة، بالتالي، يعدّ التعاون الثنائي بين البلدين أمراً قائماً ومشتركاً، في مجال الدفاع الساحلي، وخفر السواحل، والمشاركة في المناورات العسكرية”.
ومؤخراً، كشف الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، أنّ “أمير قطر السابق، حمد بن خليفة آل ثاني، دفع 57 مليون دولار، للإفراج عن 57 رجلاً في الحرس الثوري، أسروا على يد جماعة مسلحة في سوريا”.
وقال أحمدي نجاد، الذي تمّ استبعاده من قائمة المرشحين في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة؛ إنّ “حافلة للحرس الثوري في سوريا كانت في طريقها إلى ضريح السيدة زينب بجنوب دمشق، إلا أنّ سائق الحافلة قادهم عن قصد للوقوع في كمين لجماعة مسلحة معارضة (لم يحددها)، وأسرت كافة عناصر الحرس”.
أمير قطر السابق يتوسط لدى الجماعات المسلحة
وأوضح أنّ “إيران والحكومة السورية لم تفلحا في الإفراج عن أسرى الحرس الثوري، مما خلق قلقاً كبيراً داخل المسؤولين الإيرانيين خشية قطع رؤوسهم ونشر مقاطع فيديو لهم”؛ لذلك “تمّ اللجوء إلى قطر للتوسط لتتمكّن قطر بعد فترة من التوسط من الإفراج عنهم”.ومن ثم، تلقّى أحمدي نجاد اتصالاً من أمير قطر السابق، قال له فيه: “لقد وجدت طريقة للاتصال بمحتجزي الرهائن، وقالوا إنّنا نريد مليون دولار للإفراج عن كل شخص، أي 57 مليون دولار، أي الكثير من المال”.
ولفت الرئيس الإيراني السابق، إلى أنّه بعد هذه الحادثة، أرسل وزير الخارجية الإيراني إلى قطر، ومعه “شيك” بمبلغ 57 مليون دولار، وقال وزير الخارجية بعد عودته من قطر: “عندما ذهبت نقلت تحياتي ورسالة الشكر، ووضعت “الشيك” بمبلغ 57 مليون دولار على الطاولة، بيد أنّ أمير قطر في ذلك الحين أعاد “الشيك” على الفور وقال: “لقد فعلت ذلك من أجل إخوتي، دون مقابل، أوصل تحياتي إلى نجاد، وقل له إنّني فعلت ذلك من أجل صداقة الشعبين وإخوتي”.
ما هي نوايا قطر ومخططاتها؟
في حديثه لـ “حفريات”، قال المحلل السياسي والمختص بالشؤون القانونية، زيد الأيوبي؛ إنّ قطر تعمل على تمويل جماعات الإسلام السياسي الناشطة في الشرق الأوسط، وخصوصاً الجماعات المصنفة على قوائم الإرهاب، لافتاً إلى أنّ الثابت والواضح على الأرض أنّ “دولة قطر هي التي موّلت جماعات إسلاموية كثيرة، من بينها: حزب الله اللبناني، والحوثيون في اليمن، وحماس في غزة، فضلاً عن بعض الجماعات الإرهابية الناشطة في سوريا وليبيا، وجماعة الإخوان المسلمين والأحزاب التابعة لها في الشرق الأوسط بشكل عام”.وأشار الأيوبي إلى أنّ هناك تقارير استخبارية قوية تثبت تورط قطر في تمويل حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، وجماعة الحوثي في اليمن؛ وهذه الجماعات ترتبط بأجندة إيران من خلال صلاتها العضوية بالحرس الثوري الإيراني، المصنف على قوائم الإرهاب، وهذا ما لا ينفيه حزب الله أو حماس أو الحوثي، بل يتم التصريح علناً بهذا الارتباط، والحصول على أموال وتدريبات وأسلحة، للقيام بنشاطات معادية للأمة العربي؛ حيث إنّ هناك أكثر من دليل إثبات على استخدام هذه الأسلحة في قتل اللبنانيين والفلسطينيين، بل وتوظيفها من قبل حماس لتقويض الأمن القومي المصري في سيناء”.
ونوّه المحلّل السياسي والمختص بالشؤون القانونية إلى أنّ “هذا التمويل القطري لأذرع ووكلاء إيران بالمنطقة إنّما يدل أنّ قطر غير صادقة في نوايا المصالحة مع القاهرة ودول الخليج والسعودية، كما أنّ هناك تقارير ألمانية جديدة تثبت تورط قطر في تمويل الحرس الثوري الإيراني، الذي يدرّب عناصر وأفراد في ميليشيا الحوثي وحماس وحزب الله، وهذه الجماعات نشاطاتها المعادية للعرب معروفة للجميع. بذلك نستطيع القول إنّ قطر ما تزال في مربع خصوم الأمن القومي العربي، ولم تعدل من سلوكها الإقليمي”.
ودعا المصدر ذاته، الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي، بالوقوف، بشكل جادّ وحاسم، في وجه المخطط القطري، المرتبط بأهداف ملالي طهران، ومعاقبتها على سلوكها الهادف لتدمير مقدرات الأمة.