رأي في الحدث

محميد المحميد: الديمقراطية.. حرية مدنية لا صناديق اقتراع فقط

  ‬كمواطن‭ ‬خليجي‭ ‬يتمنى‭ ‬كل‭ ‬الخير‭ ‬والنماء،‭ ‬والاستقرار‭ ‬والازدهار،‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وشعوبها،‭ ‬وحيث‭ ‬إن‭ ‬الشراكة‭ ‬الشعبية‭ ‬وممارسة‭ ‬الحقوق‭ ‬السياسية‭ ‬غدت‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬أساسيات‭ ‬البناء‭ ‬والنهضة‭ ‬لأي‭ ‬دولة،‭ ‬فإننا‭ ‬نتطلع‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬معالجة‭ ‬جوانب‭ ‬الخلل‭ ‬والقصور‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الانتخابي‭ ‬القطري‭.‬

فمن‭ ‬متابعتنا‭ ‬وقراءتنا‭ ‬للمشهد‭ ‬القطري‭ ‬اليوم،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬رصدنا‭ ‬للتعليقات‭ ‬والتحليلات،‭ ‬وردود‭ ‬الأفعال‭ ‬والتطورات‭ ‬الحاصلة‭ ‬في‭ ‬الدوحة،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعزز‭ ‬النظام‭ ‬الانتخابي‭ ‬القطري‭ ‬مفهوم‭ ‬المواطنة،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬وفقا‭ ‬للشرائح‭ ‬الثلاث‭ ‬التي‭ ‬اشترطها‭ ‬النظام‭ ‬الانتخابي‭.‬

ذلك‭ ‬أن‭ ‬المواطنة‭ ‬الحقة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬المواطنين،‭ ‬وأن‭ ‬اكتساب‭ ‬الجنسية‭ ‬يمنح‭ ‬الحق‭ ‬للمواطن‭ ‬بممارسة‭ ‬حقوقه،‭ ‬كما‭ ‬يلزمه‭ ‬أداء‭ ‬واجباته،‭ ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬المعادلة‭ ‬متساوية،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ترجيح‭ ‬كفة‭ ‬على‭ ‬أخرى،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬وضع‭ ‬فئات‭ ‬ودرجات‭ ‬للمواطنة،‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬معا‭. ‬

تداعيات‭ ‬الموقف‭ ‬الشعبي‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الانتخابي‭ ‬سببها‭ ‬التجربة‭ ‬الدستورية‭ ‬في‭ ‬قطر،‭ ‬فهي‭ ‬غير‭ ‬مستقرة‭ ‬وتعاني‭ ‬من‭ ‬الخلل‭ ‬والشوائب‭ ‬والمثالب،‭ ‬وما‭ ‬يقام‭ ‬هناك‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بالدستور‭ ‬ولا‭ ‬بحقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬فالعالم‭ ‬والشعوب‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تسمع‭ ‬عن‭ ‬مبادئ‭ ‬ومفاهيم‭ ‬وقيم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬وممارسة‭ ‬الحقوق‭ ‬السياسية،‭ ‬ولكنها‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تشاهد‭ ‬ذلك‭ ‬مطبقا‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وفي‭ ‬بلادها‭ ‬تحديدا،‭ ‬وفي‭ ‬أهمية‭ ‬أن‭ ‬تستفيد‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الحقيقية‭ ‬والسليمة‭. ‬

مخاطر‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬الدوحة‭ ‬وبسبب‭ ‬النظام‭ ‬الانتخابي،‭ ‬المستمر‭ ‬والموغل‭ ‬في‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬وللأسف‭ ‬الشديد،‭ ‬ستنعكس‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬مجلس‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬كل‭ ‬مكونات‭ ‬الشعب‭ ‬القطري‭ ‬وأطيافه،‭ ‬وسيشكل‭ ‬مصدر‭ ‬إرباك‭ ‬وعدم‭ ‬مصداقية‭ ‬للمجتمع‭ ‬القطري‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬الخطورة‭ ‬في‭ ‬فعالية‭ ‬العملية‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وفي‭ ‬قيام‭ ‬مجلس‭ ‬منتخب‭ ‬انتخابا‭ ‬غير‭ ‬سليم،‭ ‬يؤصل‭ ‬لمبدأ‭ ‬الانتماء‭ ‬القبلي،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الانتماء‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطنة‭.. ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ولا‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬الحقوق‭ ‬الإنسانية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يستوجب‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الانتماء‭ ‬الفئوي‭ ‬ورفضه،‭ ‬لا‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬مبدأ‭ ‬المواطنة‭ ‬الحقة‭. ‬

ومن‭ ‬المخاطر‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬قطر‭ ‬بسبب‭ ‬نظامها‭ ‬الانتخابي‭ ‬ستواجه‭ ‬تحديات‭ ‬تتعلق‭ ‬بهوية‭ ‬المجتمع‭ ‬بعد‭ ‬تقسيم‭ ‬المواطنين‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬فئات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬حساسية‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬وتركيبته‭ ‬القبلية،‭ ‬وقد‭ ‬ظهرت‭ ‬بوادره‭ ‬الساخنة‭ ‬فيما‭ ‬يحصل‭ ‬حاليا‭ ‬هناك‭.‬

ثمة‭ ‬تساؤلات‭ ‬مشروعة‭ ‬تطرحها‭ ‬الشعوب،‭ ‬وخاصة‭ ‬الشعب‭ ‬القطري،‭ ‬منها‭: ‬هل‭ ‬تعيش‭ ‬قطر‭ ‬تحولاً‭ ‬ديمقراطياً‭ ‬أم‭ ‬مشاركة‭ ‬شعبية‭ ‬شكلية؟‭ ‬وثمة‭ ‬علامات‭ ‬استغراب‭ ‬وتعجب‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬قطر‭ ‬التي‭ ‬أعلنت‭ ‬ومارست‭ ‬ودعمت‭ ‬التجارب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬وشجعت‭ ‬الثورات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬كيف‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تحارب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬بلدها،‭ ‬فهذا‭ ‬منطق‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭ ‬إطلاقا،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬فهمه‭ ‬أو‭ ‬قبوله،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬تجميله‭ ‬والتطبيل‭ ‬له،‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬الصمت‭ ‬عنه،‭ ‬وعدم‭ ‬تغطيته‭ ‬إعلاميا‭ ‬في‭ ‬الداخل،‭ ‬لأن‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬قرية‭ ‬صغيرة،‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والتواصل‭ ‬تنقل‭ ‬الحدث‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة‭.‬

ختاما،‭ ‬كما‭ ‬كتب‭ ‬وعلق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬قطر‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬الديمقراطي‭ ‬فعليها‭ ‬أن‭ ‬تتعلم‭ ‬أصول‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬لأن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ليست‭ ‬صناديق‭ ‬اقتراع‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬حريات‭ ‬مدنية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬حرية‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬محظوراً‭ ‬في‭ ‬قطر‮»‬‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى