انغيلا ميركيل ترحل عن الحكم: النادلة التي صنعت اضخم اقتصاد في العالم
تطوي المانيا والعالم يوم 26 من الشهر الجاري صفحة المرأة الحديدية انعيلا ميركيل بعد ان حكمت المانيا لمدة 16 عاماً.
والواقع أن ميركل تتمتع بـ«شعبية» أبعد من الداخل الألماني. فهي تحوّلت خلال سنوات حكمها الـ16 إلى أشبه بـ«مرجع» داخل الاتحاد الأوروبي وأبعد لحل الأزمات التي تطرق باب القارة العجوز. ورغم أن الكثيرين ينتقدون أسلوبها في الحكم وطريقة إدارتها للأزمات، فهي مع ذلك تحوّلت إلى رمز للاستقرار الأوروبي طوال السنوات الماضية. ويقول منتقدوها إن أسلوب حكمها يعتمد على الإبقاء على واقع الحال لأطول فترة ممكنة، وتجنب اتخاذ قرارات مصيرية إلا عندما تضطر.
النادلة التي صنعت التاريخ
كتبت الصحفية الألمانية باتريشيا ليسنير كراوس في كتاب صدر مؤخرا لها يتحدث عن السيرة الذاتية لأول مستشارة ألمانية وحمل عنوان: “ميركل.. السلطة.. السياسة” كتبت أن أول مستشارة في تاريخ ألمانيا عملت أثناء دراستها الفيزياء كنادلة في في احدى الحانات. وكانت ميركل خلال مرحلة المراهقة الطالبة الأولى على مدرستها وكانت ترغب في ان تصبح معلمة، لكن هذا الحلم تبدد بعدما اعتبرت الحكومة الشيوعية أسرتها مشتبها بها. لذلك فقد درست الفيزياء ومارست عملا لبعض الوقت في حانة.
كتاب ألمانى يؤكد: ميركل “المرأة الحديدية” كانت تعمل نادلة فى حانة..تحب التنزه والنوم لساعات طويلة.. وراتبها 240.000 يورو سنويا..ولها مواقف مثيرة للجدل مع بوتين.. وترفض فكرة الاعتراف بالدولة الفلسطين – اليوم السابع
ميركل: نعم عملت كنادلة
قالت ميركل “نعم، عملت نادلة في حانة… كنت أحصل على أجر يتراوج بين 20 و30 فينينج عن كل مشروب ابيعه وهذا منحني دخلا اضافيا تراوح بين 20 و30 ماركا في الاسبوع. هذا ساهم الى حد كبير في دفع الايجار.” وأضافت ميركل التي درست في لايبزيج من عام 1973 وحتى عام 1978 “مع الاخذ بعين الاعتبار أن أجري كان 250 ماركا /قرابة 15 دولارا/ في الشهر.. فقد كان هذا الدخل الاضافي هام للغاية.” وحصلت ميركل على درجة الدكتوراة في برلين الشرقية عام 1986 تحت اشراف البرفسور يواكيم زاور الذي اصبح فيما بعد زوجها الثاني. وتحتفظ ميركل /51 عاما/ بكثير من التفاصيل الغامضة حول حياتها الخاصة حتى بعد صعودها المفاجيء من متحدثة باسم اخر حكومة في المانيا الشرقية في عام 1990 الى زعيمة الحزب المحافظ في عام 2000 وصولا الى المستشارية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وتم بشكل جيد توثيق التفاصيل الأساسية لسيرة ميركل الذاتية منذ تركها الحياة الأكاديمية في برلين الشرقية وانخراطها في العمل السياسي خلال الايام المثيرة التي شهدت توحيد ألمانيا في عام 1990. لكن لم يتكشف سوى القليل عن حياتها قبل ذلك.
خليفتا ميركيل
ويستعد مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتز وأرمين لاشيت مرشح الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه ميركل. لخلافة الاخيرة
ويقدم المرشحان نفسيهما على أنهما سيشكلان استمرارية لميركل وإرثها، رغم أن شولتز ينتمي لحزب يساري ولكنه يخدم في حكومة ميركل ويشغل منصب نائبها.
ويرى محللون أن سبب تقديم المرشحين لنفسيهما على أنهما سيشكلان استمرارية لحكم ميركل، هي الشعبية الكبيرة التي ما زالت تتمتع بها السيدة الأولى التي شغلت منصب المستشار في ألمانيا، والتي تغادر منصبها بإرادتها وبشعبية لا تضاهى.
ويبدو ان مستقبل ألمانيا من دون ميركل التي تعرف في ألمانيا بـ«موتي» أو «الوالدة» هو بالنسبة للألمان على الأقل، مستقبل أقل أمناً. وهو ما دفع بالمرشحين لخلافتها إلى تسويق نفسيهما على أنهما سيكونان نسخة منها. والمستقبل من دون ميركل بالنسبة لأوروبا سيكون من دون شك مستقبلاً مختلفاً بسبب شبكة العلاقات التي بنتها طوال السنوات الماضية وتحكمها ومعرفتها بتفاصيل الملفات عن قرب، خاصة الملف الروسي الأوكراني الذي قد لا يجد مستشاراً ألمانياً آخر يوليه الاهتمام نفسه الذي أولته له ميركل.
ويعني تقاعد ميركل المنحدرة من الاتحاد المسيحي (يمين وسط)، في عام 2020، أنها ستنهي مشوارها قبل عام من نهاية الفترة التشريعية الحالية وخروجها الطبيعي من الحياة السياسية.
ووفق المسار الطبيعي، فإن حقبة ميركل من المقرر أن تنتهي بنهاية ولاية حكومتها الحالية في 2021، أي بعد 16 عاماً في السلطة، و4 فترات حكومية، لأن المستشارة المعروفة بـ”المرأة الحديدية” في الأوساط الألمانية و”ماما ميركل” بين اللاجئين العرب، أعلنت العام الماضي أنها لن تخوض الانتخابات التشريعية المقررة في نهاية العام المقبل.
ففي مايو/أيار الماضي، قالت المستشارة الألمانية: “كما قلت وقت انسحابي من رئاسة الحزب (أواخر 2018): أنا لست متاحة لأي منصب سياسي جديد”، ما يعني أن رئاستها للحكومة الحالية ستكون نهاية عهدها بالسياسة.
ومنذ صعودها لقمة السلطة في 2005، أظهرت ميركل الحاملة لدكتوراه في الفيزياء وعاشت معظم حياتها في ألمانيا الشرقية السابقة، قدراً كبيراً من القوة والإلمام بالسياسة، جعلاها تهيمن على مقاليد الحكم في برلين.
وقبل أشهر، أعلنت ميركل استقالتها من رئاسة حزبها، وأنها ستعتزل السياسة نهائيا بعد نهاية الفترة التشريعية الحالية في 2021، لكن الوقت لم يمنحها الفرصة لاستكمال ولايتها دون قلاقل، وتتابعت المشاكل السياسية تارة والصحية تارة على المستشارة.
وتحظى ميركل المعروفة بحبها للموسيقى الكلاسيكية ومواظبتها على حضور حفلات الأوبرا بحب واحترام الجاليات العربية في ألمانيا، وأطلق عليها السوريون “ماما ميركل” بسبب قرارها فتح الأبواب أمام مليون لاجئ لدخول بلادها في 2015، معظمهم من سوريا والعراق، وتحملها تكلفة سياسية ألقت بظلال على شعبيتها في سبيل هذا القرار.وبالنسبة إلى ميركل، فإن المستقبل خارج حدود مقر المستشارية، ما زال غير واضح بعد. قبل يومين سُئلت عن مشاريعها بعد التقاعد، فردت بالقول: «عقدت العزم على ألا أفعل شيئاً في الوقت الحالي، وأن أنتظر وأرى ما سيحدث». على أي حال، هي قد تضطر للبقاء على رأس الحكومة الانتقالية لأشهر بعد الانتخابات في حال تأخرت مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة، والتي على الأرجح ستكون معقدة وتشمل 3 أحزاب تتفاوض لدخول الحكومة.