السيـد زهــره: اسألوا أهل نيوكاسل

أحب مدينة نيوكاسل البريطانية وأحرص على متابعة أخبارها بين الحين والآخر. سبق أن زرتها مرتين مع زوجتي حيث كان ابني نور يدرس في جامعة «نورث امبريا» في المدينة.
نيوكاسل مدينة هادئة جميلة لها خصوصيتها على مستويات كثيرة. بعد أن زرتها كتبت عنها سلسلة مقالات طويلة في «أخبار الخليج» أعتز بها تحت عنوان «يحدث في نيوكاسل».
أقول هذا بمناسبة التطورات الأخيرة في المدينة. أقصد تحديدا الأخبار المتعلقة بقيام صندوق الاستثمارات العامة في السعودية بعقد صفقة بقيمة أكثر من 300 مليون جنيه استرليني لشراء نادي نيوكاسل يونايتد.
الأمر الملفت أنه بمجرد أن بدأت تنتشر أخبار قرب شراء السعودية للنادي، نشر موقع بي بي سي البريطاني عدة تقارير عن الصفقة. كل هذه التقارير تهاجم السعودية وخصصت فقرات مطولة للحديث عن «حقوق الإنسان» في السعودية وعن مقتل جمال خاشقجي، وتعيد نشر آراء منظمات مشبوهة بهذا الخصوص.. الخ.
طبعا من يقرأ هذه التقارير يفهم أن البي بي سي ترفض أو تتحفظ أو تدعو إلى رفض الصفقة تحت دعاوى «حقوق الإنسان».
بي بي سي تفعل هذا على الرغم من أن هذه صفقة رياضية لا علاقة لها بالسياسة، وبريطانيا عموما هي المستفيد الأول منها.
الأعجب من هذا أنه في الوقت الذي تتخذ فيه البي بي سي هذا الموقف، من المثير حقا أن نتابع رد فعل وموقف أعضاء نادي نيوكاسل نفسه وكل أهالي المدينة من الصفقة.
حالة من الفرحة العارمة عمت أعضاء النادي ومشجعيه ومدينة نيوكاسل ابتهاجا بالصفقة وامتنانا للسعودية. استطلاعات الرأي أظهرت أن 93% من مشجعي النادي يؤيدون الصفقة وسعداء بها. أهالي المدينة خرجوا يرفعون أعلام السعودية تعبيرا عن شكرهم لها، ونظموا رقصة للعرضة احتفالا. مشجعو النادي وأهالي المدينة اعتبروا أن الصفقة تمد حبل الإنقاذ للنادي وتنقله إلى مرحلة نوعية جديدة، وتبث روحا جديدة في المدينة كلها على مستويات غير الرياضية كالسياحة والاقتصاد.
ألان شيرر أبرز أساطير نادي نيوكاسل والدوري الإنجليزي كان من أوائل السعداء بشراء السعودية للنادي، وكتب في تغريدة له على «تويتر» يقول: «نعم، نستطيع أن نجرؤ على الأمل مجددا».
العجيب ان بي بي سي نفسها لم تستطع تجاهل هذه الفرحة العارمة ونشرت خبرا عنوانه «الاستحواذ السعودي على نيوكاسل: جماهير النادي تستقبل الخبر برقصة العرضة». لكنها لم تستطع التخلي عن موقفها المشبوه وأصرت على أن تقحم في الخبر قولها إن المنتقدين أكدوا أنه لا يمكن تجاهل قضية حقوق الإنسان في السعودية.
الحقيقة أن موقف البي بي سي على هذا النحو هو مجرد مثال واحد للمواقف العدائية العنصرية التي تتخذها من كل دول الخليج العربية.
البي بي سي تتربص بدول الخليج العربية بالذات، وبمناسبة أو دون مناسبة تشن عليها الهجمات العنصرية ويكيلون لها الاتهامات. لا يفعلون هذا مع اغلب دول العالم. وفي بعض الأيام تجد أن نصف التقارير والأخبار التي ينشرها الموقع أو أكثر هجوم على دول الخليج بالذات.
يفعلون هذا ويتجاهلون المنافع الضخمة التي تستفيدها بريطانيا من علاقاتها مع دول الخليج العربية، ومليارات أو عشرات المليارات من الدولارات التي تجنيها من صفقات مع دول الخليج. هم يفعلون هذا من منطلقات عنصرية بحتة كأن لسان حالهم هو أن هذه المليارات حق مكتسب لبريطانيا لا يستحق شكرا أو عرفانا.
الحقيقة أن هذا العداء العنصري لدول الخليج العربية ليس قصرا على البي بي سي وإنما يمتد إلى صحف وأجهزة إعلام بريطانية كثيرة. وهذه قضية معقدة لها أبعاد تاريخية وعنصرية كثيرة لا يتسع المجال هنا لمناقشتها تفصيلا.
على أي حال، فيما يتعلق بهذا الموقف الأخير من شراء السعودية للنادي، الأمر المؤكد أنهم لو سألوا أهالي نيوكاسل عن