أحمد الجارالله : “لا تفرحين بالعرس ترى الطلاق باكر”
مُؤسف جداً أن يضيع النواب الفرصة تلو الأخرى طوال الأشهر الماضية، ويعملوا على شلّ الدولة من أجل العفو عن بضعة أشخاص في قضايا رأي، فيما كان الأجدر أن يأخذوا من البداية بالطريق الذي رسمته القيادة السياسية، وهو طلب العفو من ولي الأمر، على غرار ما فعله الذين سبقوا لنيل هذه المكرمة، بعدما أدركوا أن لا طريقاً آخر غير ذلك.
اليوم ماذا اختلف عن الأمس، لا شيء في الجوهر، إنما بالشكل بدلاً من طلب العفو فردياً، ناشدوا صاحب السمو الأمير برسالة جماعية، وفيما أعلن النواب الـ 38 تعاونهم الكامل مع الدولة، أو بالأحرى التعاون المنطقي بين السلطتين، التشريعية والتنفيذية، وليس ذلك منّة من النواب الذين قد يتصور بعضهم أنه “جاب الذيب من ذيله”، وقد حقق انتصاراً كبيراً.
ما جرى خلال المرحلة الماضية لم يكن من الممارسة الديمقراطية، بل هو خروج على الأعراف والتقاليد كافة، فشأن البلد ليس أداة ابتزاز للوزراء والنواب يعمل كل فريق منهما على توظيفه لمصلحته، لذا من يتحمّل مسؤولية الخسارة الكبيرة التي تكبدتها الكويت جراء هذه المماحكات والعناد، ولقد دفع المواطن ثمنها باهظا إلى حد فقدان الثقة في الدولة؟
أولاً وقبل كل شيء لا بد من الاقتناع بأن الدولة لا تخضع لأهواء أشخاص، وأن القانون الحكم الذي يجب على الجميع الالتزام به، وعدم الخروج عليه إذا لم يعجبهم الحكم المستند إليه، وللقيادة السياسية مرئياتها التي هي المسطرة الواجب على الجميع السير بها، هذا الأمر معمول به في كل الديمقراطيات العريقة الحضارية، حيث لا تكون قبيلة أو طائفة، أو حزب أكبر من الدولة، وتلك مرئيات تسود في النهاية، حتى لو كانت هناك بعض المجاملات السياسية التي لا تؤثر في الجوهر.
كل الذين يحتفلون اليوم بالعفو، ويتصورون أنهم حققوا مرادهم عليهم أن ينظروا جيداً إلى التبعات السلبية، وأن تكون لديهم الجرأة للاعتراف بغلطهم، فيما على الحكومة أن تجيب عن الأسئلة التي يطرحها الكويتيون، خصوصا في ما يتعلق بالفائدة التي ستعود عليهم من العفو، وهل يفيد ذلك بوقف الخسائر الاقتصادية، ويصحح الوضع المالي للدولة، وهل سيساعد على انفتاح البلاد بعدما أغلقتها تيارات سياسية تتخذ من الدين ستاراً لها بحائط سميك من المحاذير التي ما أنزل الله بها من سلطان؟
المؤشرات لا تدل على ذلك، فها هو قرار تجنيد المرأة في الجيش، أعاد استنفار تيارات الظلام التي أطلقت النار عليه منذ اللحظة الأولى، فيما يحاول نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي عبر تصريحاته الاستسلام لها، لذا عليه أن ينظر إلى المملكة العربية السعودية، التي كانت أكثر تشدداً في هذا الشأن كيف سمحت بتجنيد المرأة، بل أصبحت أكثر انفتاحا في كل المجالات من دول الخليج كافة.
وفقاً لهذه المعطيات فإن الحال لن تتغير كثيراً، بل إن المعفى عنهم لا شك سيعودون سيرتهم الأولى لأن في اعتقادهم أنهم حققوا نصراً على الدولة، وهو بالتالي ما يجعلنا نردد المثل الكويتي الشعبي “لا تفرحين بالعرس ترى الطلاق باكر”.