محمد يوسف : النجم الذي هوى
مزق جورج قرداحي الصورة التي رسمت له طوال 25 عاماً بيده، وليس بيد عمرو، وأصبح مثل «براقش»، التي جنت على نفسها.
هذا الشخص كان نجماً، في كل دول الخليج، مرحب به في الأحداث المهمة، يقف على منصات المؤتمرات، ويدير جلسات الحوارات، ويقدم الشخصيات، فمن هذه الدول عرفه الناس، وليس من بلاده، التي أصبح وزيراً فيها، وهو الذي خرج ذات يوم، يبحث عن مصدر رزق، وما كان يعرفه أحد، وجلس خلف الكواليس سنوات، وخلف «ميكروفونات» الإذاعات سنوات أخرى، ولم يعرفه أحد، مجهول مثل ملايين المجهولين، والفرصة قدمت له على طبق من فضة، إعلام الذين يتطاول عليهم اليوم، هو الذي انتشله من الدائرة المظلمة التي يعيش ضمنها، وقدمه إلى العالم، مسلطاً الضوء عليه، ليحوله إلى مقدم برنامج مسابقات عالمي في نسخته العربية، وسانده إعلام هو الأكثر قوة وتأثيراً عربياً، وتلقفته الأيادي بعد ذلك، حتى وقف في الصفوف الأولى!
وعندما انتهى عمر البرنامج، وغادر القناة التي صنعته وحولته إلى نجم، لم تنقطع خيوط الاتصال والاهتمام، وتاجر كثيراً بهالة النجومية التي اكتسبها هنا في الخليج العربي، وليس في أي مكان آخر، مستثمراً الطيبة والمودة والنزعة الإنسانية لدى أهلها، وسرح ومرح، واستثمر وقته وطلته خير استثمار، حتى فاض الكيل، وتذكرته بلاده، وظهر اسمه في تشكيل وزاري، وكان الاعتقاد بأنهم يكرمون الشخصية التي حققت شهرة، ويهدفون إلى الاستفادة من ذلك بمساهمة بسيطة منه، لتحسين العلاقات، وإعادة المياه إلى مجاريها مع الأشقاء، وإخراج بلاده من دائرة الأطماع، وهيمنة تجار السلاح والموت، ولم يحصل ذلك، حتى انصدم الجميع بموقفه المعلن في لقاء تلفزيوني، وتغيرت ملامح الصورة التي كانت مرسومة له، ومسحت الهالة، وأزيلت عنها كل المؤثرات القديمة، وبانت بشاعتها، فهو ليس سوى بائع للمواقف، لا يهمه من كان صاحبه بالأمس، إنه تابع لمن يدفع اليوم.