أحمد الجارالله : لبنان العروبة… وليس لبنان التفريس
لم يكن مستغرباً تصريح وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي في ما يتعلق بالسعودية وانحيازه الواضح إلى إيران بعدوانها المستمر على المملكة ودول الخليج العربية عبر عصابة الحوثي التي تنفذ أجندتها بحرفية، فقرداحي يقدم أوراق اعتماده إلى تحالف نصرالله- باسيل- فرنجية، ويدفع واحدة من فواتير الولاء إلى هذا الفريق، لعله يجد مكاناً له في مرحلة ما بعد الانتخابات اللبنانية التي بدأت معركتها منذ اليوم.
لكن ما يجب أن يعرفه هذا الانتهازي هو أن السعودية، ومعها دول “مجلس التعاون” الخليجي ليست الجهة التي يمكن التصويب عليها لتحسين موقف هذا أو ذاك، فالذي لا يرى من الغربال أعمى، فكيف إذا كانت الرؤية واضحة وضوح الشمس حيال ما تتعرض له المملكة ومعها دول “التعاون” ودول التحالف العربي من عدوان إيراني مستمر، ليس من اليمن فقط، بل أيضا من خلال العمليات الإرهابية التي نفذها، ولا يزال “حزب الله” اللبناني والعصابات العراقية الطائفية التابعة لإيران في عموم المنطقة؟
فالمملكة العربية السعودية، والتحالف العربي ليسا من بادر الى الحرب، بل بدأ الحوثي المدعوم من إيران العدوان منذ العام 2009 على المملكة، التي عملت بأعلى درجات ضبط النفس طوال سنوات، ولم تتخذ أي إجراء إلا عندما طلب اليمنيون النجدة، فكانت “عاصفة الحزم” التي ترافقت مع دعم كامل لليمنيين بكل الوسائل المدنية للتغلب على المصاعب التي يواجهونها جراء سيطرة إيران على الممرات البحرية، ومنع الغذاء والمساعدات عنهم التي كانت تصادرها عصابة الحوثي، ولا تزال الى اليوم.
حين يتحدث هذا الرجل عن عدوان على اليمنيين إنما يقلب الحقائق، فالمملكة تاريخياً دولة مسالمة لم تعتد على أحد، بل تواجه العدوان عليها بالديبلوماسية الراقية والواعية، وتحسم مواقفها بالطرق القانونية الدولية التي لا تشوبها شائبة، ولذلك يؤيدها العالم بدفاعها عن نفسها في مواجهة العدوان الإيراني، ويدعم تحركاتها، وإذا كان الذين يحاولون التطاول عليها لا يرون هذا الموقف الدولي فلأن هؤلاء عميان بصيرة.
قرداحي هنا لا يمثل نفسه، بل يمثل نهج النظام اللبناني الحالي الذي فرط بسيادته منذ تنازل عن سياسته الخارجية الى العميل الإيراني حسن نصرالله، وتخلى عن دوره في الدفاع عن لبنان بعدم حصر السلاح بيد الشرعية وقدم الدويلة على الدولة، وهذا كله نتيجة طبيعية لعدم قيام جبهة مواجهة لبنانية سيادية بوجه الدويلة، التي إذا استمرت على هذه الحال فإنها ستؤدي إلى زوال لبنان الذي لا يمكن أن يعيش على الهواء الإيراني الفاسد ويتنكر لعروبته.
مما لا شك فيه أن هذه الحادثة كانت مناسبة لإعادة تظهير الموقف الخليجي الموحد، إذ على مبدأ رب ضارة نافعة تداعت دول “التعاون” إلى استدعاء سفراء وقناصل لبنان للاحتجاج على هذا الموقف المنحاز للإرهاب الممنهج الذي يمارسه الإيراني عبر عصاباته على دول المجلس كافة، وهي بذلك عملت بالمثل العربي الشهير” أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب” فتضامنت مع نفسها من خلال تضامنها مع المملكة، وكم كنا نتمنى على لبنان، الذي نعرف، أن يكون مع أبناء عمومته العرب على الغريب الفارسي الذي جوع شعبه، ورماه في العزلة الدولية والعربية.