عبدالمنعم ابراهيم : جورج قرداحي.. عض اليد التي أطعمته لعقود
تصريحاتُ وزيرِ الإعلامِ اللبنانيِّ (جورج قرداحي) المبرِّرة للهجماتِ الحوثيَّةِ الإرهابيَّةِ ضد السعودية صارت تتدحرجُ مثل (كرة الثلج) وتأخذُ في طريقِها العلاقاتِ الدبلوماسيَّةِ بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي، وليس السعودية فقط، وتبريراتُ الرئيسِ اللبنانيِّ (ميشيل عون) بأن تصريحاتِ (قرداحي) صدرت قبل أن يصبحَ وزيرًا في حكومةِ (ميقاتي) الحالية لا تبرئ ساحةَ (قرداحي) الذي لم يكلِّف نفسَه حتى بالاعتذار عن تلك التصريحاتِ المسيئةِ إلى السعوديةِ والإمارات والبحرين ودولٍ عربيَّةٍ أخرى تشاركُ في (قواتِ التحالفِ العربي) لدعم الشرعيةِ في اليمن، والتي سالت دماءُ جنودِها بيدِ الانقلابيين الحوثيين الذين فتكوا بالشعبِ اليمني قبل قواتِ التحالفِ العربي.
طبعا (قرداحي) لا يمثِّلُ الشعبَ اللبناني ولا الإعلاميين اللبنانيين الشرفاء، سواء العاملين في لبنان أو في الصحفِ والمحطاتِ والقنواتِ التلفزيونية في دول الخليج، بل هناك كُتابٌ وإعلاميون ومفكرون لبنانيون (ومنهم شيعة لبنانيون) قدموا حياتهم تضحيةً ضد جبروت وإرهاب (حزب الله اللبناني).. لكن (قرداحي) يمثل (النموذجَ الأسوأ) من الإعلاميين الانتهازيين في الوطن العربي، وليس في لبنان وحده، فالكل يعرفُ أن (قرداحي) كان مجردَ مذيعٍ في إذاعةٍ لبنانيةٍ مغمورة، قبل أن تتكرَّمَ عليه قناةُ (إم.بي.سي) السعودية وتجعلَه مقدمًا لبرنامج (من سيربح المليون)، وقد صرفت القناةُ السعودية الملايين من الدولارات لكي ينجحَ (قرداحي) في برنامجه (من سيربح المليون)، وبرامجه الأخرى اللاحقة.. وقد حقق (قرداحي) أموالا وثرواتٍ طائلة من عمله في قنواتٍ سعودية وخليجية، ويملك حاليا في لبنان عماراتٍ وعقاراتٍ ومصالحَ تجارية تُقدَّر بالملايين من الدولارات الأمريكية.
طبعا هذه المصالحُ والثروات العقارية التي يملكها (قرداحي) حاليا في لبنان تحتاجُ إلى من يحميها (سياسيًّا) و(أمنيًّا) من قِبل (الدولة) اللبنانية، وكلنا يعرفُ (تماما مثلما يعلم ذلك جورج قرداحي نفسُه) أن من يحكم لبنانَ حاليا هو (حزبُ الله اللبناني)، وحليفُه الرئيسي (ميشيل عون) وصهرُه (جبران باسيل)، ولذلك حرص قرداحي على إصدار تصريحات قبل أن يتم توزيره في حكومة (ميقاتي) تبجِّل في (حسن نصرالله) و(حزب الله) لكي يحافظَ على مصالحِه وثرواتِه الجديدة في لبنان، حتى لو اضطر إلى (عض اليد) التي أطعمته عقودًا مثل السعودية ودول الخليج العربي.
لكن لنكن صريحين أيضا، ونؤكد أن هذا لا يخلي مسؤوليتنا في دول الخليج العربي في احتضان نماذجَ سيئةٍ من الإعلاميين أو السياسيين أو الفنانين من دون أن ندققَ ونختبر معادن هؤلاء، ومن دون أن نمررهم في عملية تكرير أو (مشخال) سياسي دقيق لتمييز الصالح من الطالح، والجيد من السيء منهم، فمثلا (جورج قرداحي) قبل أسبوع من توزيره في حكومة (ميقاتي) الحالية كان يقدم إعلانًا تجاريًّا لشركةٍ إماراتية في قناة (سكاي نيوز-عربية).. وحتى نحن في البحرين سبق قبل أربع سنوات تقريبا أن استضافت جهةٌ رياضية في منتدى للشباب الممثل المصري (خالد أبوالنجا) الذي راح يدافع عن (ثورات الخريف العربي) الأوبامية المدمرة في مصر وليبيا وتونس واليمن، وما ألحقته من كوارث بشرية في دولنا العربية، ما اضطر الإعلامية الأستاذة (سوسن الشاعر) للرد عليه بقوة في المنتدى وتفنيد أطروحاته السيئة المحرضة للشباب بالثورة على حكوماتهم! وإسقاط الأنظمة العربية!
إذن نحن في دول الخليج نتحمل جزءا من المسؤولية في احتضان نماذج انتهازية من هنا وهناك، ونلمعهم ونصرف عليهم الملايين من الدولارات من أمثال (جورج قرداحي) وفي النهاية نكتشف أنهم يراكمون الثروات لصالحهم على حساب مصالح دول المنطقة السياسية والأمنية.. وحتى لا يتم تعميم هذا الرأي علينا أن نؤكد أن هناك إعلاميين شرفاء، سواء في لبنان أو مصر أو تونس أو ليبيا أو سوريا أو اليمن أو السودان أو الأردن وغيرها من الدول العربية يمثلون ضمير الأمة العربية ومصالح شعوبها، ويدافعون عن السعودية ودول الخليج بقدر ما يدافعون عن أوطانهم.. (قرداحي) مجرد استثناء للقاعدة.