حمود أبو طالب : حوار «الأحمر» استخفاف بمأساة اليمن
انتظرنا باهتمام الحوار الذي نشرته صحيفة «عكاظ» مؤخرا مع نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، وذلك لأسباب كثيرة ومهمة جداً تتعلق بهذه الشخصية الرسمية البارزة في اليمن، قبل وخلال الأوضاع الراهنة، والتساؤلات الكثيرة المحيطة بها، وأيضاً الاتهامات الموجهة لها، لا سيما وأنه نادر التصريحات والحوارات حتى في الأوقات الحرجة والظروف المفصلية التي مرت بها الأزمة اليمنية، والخلافات الحادة التي وصلت إلى المواجهات بين المكونات السياسية اليمنية، وأضرت كثيراً بإمكانية حسم الأمور في مواجهة الحوثيين. هناك منعطفات في غاية الأهمية والحساسية، وحيرة شديدة بشأن ملابسات غير مفهومة، وضبابية كثيفة تكتنف كثيراً من المفارقات العجيبة في مسار الملف اليمني، كنا ننتظر أن يلقي الحوار المنتظر بعض الضوء عليها، لكن للأسف لم يحدث ذلك.
لم يحدث لأنه ـ ببساطة ـ لم يكن حواراً صحفياً سياسياً بل دردشة رومانسية ناعمة غرقت تماماً في الهوامش، ولم تحفل بالمتون مطلقاً. كنا نتوقع أن تكون أسئلة سام الغباري بقوة صواريخ (سام ٧) فإذا بها باقات من الزهور ورشات من العطور ألقاها الغباري على مضيفه، بل لم تكن هناك أسئلة بتاتاً وإنما خواطر وتهويمات وسوانح وذكريات حول المسبح وعلى مائدة الطعام، مع أهم جنرال في أخطر أزمة يواجهها اليمن في تأريخه.
لم نكن بحاجة لمعرفة تأريخ اليمن في عهد الأئمة، أو ذكريات ثورة سبتمبر، بل كنا بحاجة إلى ما هو أهم بكثير من ذلك. كنا بحاجة ـ مثلاً ـ إلى معرفة ملابسات الكارثة التي تحدث في مأرب، حقيقة حدوث الفراغ القاتل الذي جعل الحوثيين يتنزهون في صنعاء، جمود مفاصل القوات العسكرية خلال اجتياح الحوثي لمناطق اليمن، حقيقة ما يشاع عن الولاءات المتناقضة في بعض مكونات الشرعية، العجز عن التقدم في الجبهات المحررة وتسليمها للحوثيين، تعطيل تنفيذ اتفاق الرياض، أداء حكومة الشرعية والتحديات الحقيقية التي تواجهها، وغير ذلك من الجوانب الجوهرية التي تكتنف الملف اليمني.
للأسف لم تتطرق الدردشة إلى تلك الجوانب كما يجب، وكما كان يتوقع المراقبون من الحوار المنتظر مع جنرال حرب في غرفة عمليات، مسؤول عن مصير بلد. كل ما قام به المحاوِر لا يختلف عن مضمون محتوى ترويجي دعائي شخصي، وليس مواجهةً صحافيةً مهنيةً في ظروف بالغة الدقة والحساسية والصعوبة يمر بها اليمن. نقول هذا الكلام ليس لموقف من الجنرال علي محسن أو من صاحب الدردشة، بل لأن اليمن يهمنا، ولا يصح الرقص على مأساته بمثل هذا الطرح.