محمد يوسف : أبناء الظلام
ارتجفت فرائص الإخوان، الصورة أثارت الرعب في قلوبهم، أما التوقيع فقد جعل كبيرهم قبل صغيرهم يتحسّس رأسه.
كان ظهور سيف الإسلام معمر القذافي حدثاً مهماً في هذا الوقت، وكان توقيعه على أوراق الترشح للرئاسة في الانتخابات المفترضة أكثر أهمية وإثارة للمشاعر المتضاربة، من المؤيدين والأعداء، وكل يعرف نفسه، فالمشهد تغيرت تفاصيله وتداخلت أطرافه، واختلط الأبيض بالأسود بالرمادي، والأحمر القاني، لون الدم الذي سفك طوال عشر سنوات، ويمكن أن يسفك في المراحل الأخيرة المتبقية من المؤامرة الكبرى التي دبرت لليبيا.
مسيرات «بيرقدار» غطت سماء طرابلس بعد ساعات قليلة من إعلان ترشح نجل الرئيس السابق، في استعراض للقوة ناتج عن الخوف وليس الثقة بالنفس، فهؤلاء الجبناء ما عادوا يملكون شيئاً من التفاؤل، لا بتنظيمهم ولا بقادتهم، وأصبحوا متأكدين من انفضاض الناس من حولهم، كل الناس، الذين كانوا يتبعون ملتهم، والذين تعاطفوا معهم ذات يوم، والثأر منهم لا يسقط من حسابات الذين ناصبوهم العداء، ممن دمرت بلداتهم وقتل أطفالهم واختفى رجالهم، ثارات ينتظرها من يتحينون الفرص لينقضوا عليهم، ولن تنفعهم الطائرات المسيرة من تركيا أو إيران، وحتى القوات الأجنبية التي يحتمون بها.
ولن تطول مماطلاتهم، ودعواتهم إلى تأجيل الانتخابات، فكل ذلك لن يخفي المصير الذي يتجهون نحوه، فهذه هي الحقيقة، أن يشطبوا من سجل الأوطان، لأنهم لا يستحقون الانتماء إليها، ويبحثوا عن ذلك الذي دربهم ومولهم وحرضهم بعد أن أفتى بإباحة إراقة الدماء من أجل السلطة، فليس لهم مكان آخر غير حضن القرضاوي، هذا إن كان قادراً على احتضانهم في بؤرة الفتن وتمزيق البلاد العربية، تحت رعاية اتحاد علماء المسلمين الخارج على الملة.
قد لا يسمحون بإجراء الانتخابات، وهذا شبه مؤكد، وقد يقومون بأي عمل ضد سيف القذافي، وهذا غير مستبعد، فهم أبناء الظلام لا يتحركون إلا في الظلام، ولكن ليبيا في النهاية ستهزمهم.