بدر خالد البحر: استقبالهم فشل حكومي … وحل عنّا «جبران» بيك؟!
الإقصاء السياسي هو مصير المعارضة الهاربة العائدة من تركيا، فهي مكبلة بالشروط، وقد سقطت من منصة المبادئ وما قطعته على نفسها من وعود وبطولات مزيفة ما زالت موجودة في وسائل التواصل ومخزّنة بالصوت والصورة في هواتف الناس، وقد كتبنا عنهم بما فيه الكفاية، ونصحناهم بأن «الريال فيكم ما يرجع»، ولكنهم رجعوا، بل واستقبل زعيمهم كالأبطال! لسذاجة معظم الناس وضحالة ثقافة أغلبية العامة وخفة عاطفة الغوغاء، فهل يعقل أن يكون هذا الاستقبال بعد كل هذا الفشل؟!
ومن زاوية أخرى، فإخفاقات الحكومة في إدارة الدولة خلال سنوات هروب المعارضة الكرتونية كانت محفزاً لتلك الحفاوة التي حظي بها زعيم المعارضة، فالحكومة لم تنجح في أي من ملفاتها لتقنع الشعب بقدرتها على الإنجاز بعيداً عن ابتزاز البعض في المعارضة! فإذا ما استثنينا أداء القطاع الصحي النابع من تضحية منتسبيه، فالحكومة تعثرت في بقية القطاعات، كالبنية التحتية ورداءة الخدمات العامة وسوء إدارة ملف التركيبة السكانية وسيطرة الوافدين، حتى أن بصيص أمل إبعاد العمالة الهرمة فوق الستين تبخر، وهنا نتساءل عن أي مستقبل ينتظر الشباب مع رعاية سكنية غير موجودة وبطالة تهضم حقوق الآلاف من الجامعيين؟!
وأخيراً وليس آخراً، حتى أن بديل المعارضة، الذي جهزته الحكومة وحلفاؤها داخل المجلس، فشل في أول خطوة بعد نجاحه في تفتيت كتلة المعارضة، ما أحدث جبهة معاكسة دفعت هذه الجموع إلى استقبال معارض، رغم أن المعارضة العائدة من تركيا واجهت ردود فعل ساخطة بسبب ما رافق العفو الذي كان متاحاً لها بالسابق ومن غير أي تكلفة، مما يؤكد، برأينا، أن ضخامة الاستقبال وحفاوته، التي لا نؤيدها، إنما هي الوجه الآخر للسخط الشعبي تجاه الفشل الحكومي.
فاجأتنا القبس الغراء بمقابلة حصرية مع وزير الخارجية اللبناني السابق ورئيس التيار الوطني الحر، ونزيد أيضاً، مرشح الرئاسة القادم، جبران باسيل، الذي بات يعوّل على مبادرة كويتية لحل أزمة لبنان مع الخليج!
صدفة قبل كتابة هذا المقال بساعة كنا بمكالمة مع رفيق دربنا المهني، لبناني ولد وعاش ودرس بالكويت وعمل ونجح، فأخذ ثروته وعاد إلى لبنان وبنى له بيتاً جميلاً على الجبل، طامعاً في الاستقرار والعطاء، فانتكس لبنان مؤخراً وخسر كل شيء تقريباً وعاد إلى الكويت. توقعنا خلال المكالمة أنه في منطقة حولي كعادته، ولكنه فاجأنا بوجوده في إحدى دول يوغسلافيا، حيث رحل بغتة لطلب الجنسية بحثاً عن الأمان، وراح يشرح قصته بصوته الهادئ وبنبرته الناحبة المعبرة والمؤثرة، ليعرف السيد جبران كيف تشرّد الشعب اللبناني الأصيل مقابل المصالح.
إن فضائح السياسة اللبنانية على الملأ، وليت السيد جبران يشرح لنا سر تحالفه وانحيازه لـ«حزب الله» الذي يصرح لصحيفة الإندبندنت بأنه يفتخر بالتفاهم معه، بينما يشكّل هذا الحزب خطراً على الكويت ودول الخليج، ولعل جبران مطلع على جرائمه الأخيرة التي تملأ صحفنا!
إن الحديث يجعلنا نتساءل: من الذي يشترط موافقته على أي حكومة ويجعل الطائفة المارونية تهيمن على كل شيء مقابل دعم من «حزب الله»؟! من الذي أقام السدود الفاشلة الخالية الآن من المياه لأنها ليست على أراض حجرية؟! من الذي عطل عروض إصلاح الكهرباء وأصر على التعامل مع الشركات التركية؟! من الذي استدرج لبنانيين من الخارج ليسلمهم لـ«حزب الله»؟! ومن الذي صوّر شيكات لعقارات تجوب وسائل التواصل بينما يقع اللبنانيون تحت الفقر والتفجيرات؟!
نقول للأخ جبران بمناسبة حصول لبنان على استقلاله من فرنسا غداً عام 1943، إنه إن كان يريد حواراً خليجياً، فعليه الذهاب إلى منظمة دول مجلس التعاون، فدول الخليج التي أغدقت على لبنان فأساء إليها «حزب الله» بما فيه الكفاية تقف الآن على مسافة واحدة من لبنان بعد سحب السفراء، وبما أنه مؤخراً أصبح شخصياً تحت مجهر العقوبات الأميركية، نقولها له: حل عنا بعيد جبران بيك!
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.