أحمد الجارالله : نظام ملالي الظاهرة الصوتية
يبدو أن مفاوضات فيينا بشأن الملف النووي الإيراني باتت أشبه بمسلسل تلفزيوني ممل، فالإيرانيون ليسوا في وارد التقدم بما يساعد على بناء الثقة مع المجتمع الدولي، وتعنتهم يؤكد أنهم يمارسون ابتزازاً موصوفاً فيما يحاولون التعويض على جبهات الوكلاء، أكان في لبنان أو سورية أو العراق أواليمن، متوهمين أن ذلك سيخضع الدول ويفك العزلة عنهم، تمهيداً لإعادة إدخال النظام الإرهابي إلى النادي الدولي.
من هنا، عندما يقول المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعید خطيب زاده إن وفد بلاده:” يركز في فيينا على رفع العقوبات”، ويجزم:” لن نقبل بأي شيء أقل من هذا، ولن نتعهد بأي التزام أكثر مما ورد في الاتفاق النووي، وأن الالتزامات الجديدة لا مكان لها في مفاوضاتنا”، فلا تفسير لهذا إلا أن نظام الملالي يلعب على وتر الاستثمار بالوقت حتى ترضخ الدول المشاركة في المفاوضات الحالية.
ربما يفوت طهران أن الولايات المتحدة الأميركية مشارك غير مباشر في محادثات” 4+1″ التي تجري بين دول كانت حتى وقت قريب على علاقة جيدة مع نظام الملالي، أي أن المشكلة ليست مع الولايات المتحدة مباشرة، بل المؤكد أن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي السابق كان هدية ذهبية لتلك الدول لتعيد صياغته بما يضمن الأمن والسلم الدوليين، فمنذ كشف النقاب عن المشروع النووي العسكري والعالم كله يؤكد أنه لن يسمح لطهران بالحصول على أسلحة الدمار الشامل.
هذا الموقف الحازم لم يأت من فراغ فالتجربة المستمرة منذ سيطرة الخميني على الدولة في العام 1979 حتى اليوم، والسياسة الإرهابية والتخريبية الممارسة منذ أربعة عقود، إضافة إلى الحرب على العراق بعد عام واحد من وصول الملالي إلى الحكم، والعمليات الإرهابية في بريطانيا وفرنسا، ومحاولة اغتيال شهبور بختيار على أراضيها، ودعم جماعات إرهابية أفغانية خلال الحرب مع السوفيات، فإن كل هذا يجعل تلك الدول تنظر بعين الريبة إلى أي ضمانات إيرانية، وهي بالتالي لن تقبل بعودة النظام الإرهابي من دون نزع أظافره وأسنانه، ليس في الإقليم فقط، بل في العالم.
لذا فإن التعنت الإيراني في فيينا ليس أكثر من صدى من أصداء الظاهرة الصوتية المستمرة منذ أربعة عقود عن انتصارات الهية يحققها الملالي على كل الجبهات، فيما هي في الواقع انتكاسات وهزائم، إذ لا يُعقل لنظام بهذه القوة عالمياً وإقليمياً – كما يزعم- ألا يستطيع تأمين مياه الشفة لمناطق كبيرة من دولته، كما أنه يشهد بين الحين والآخر انتفاضات واسعة بسبب الجوع الذي يدق أبواب نحو 80 في المئة من الشعب، فكيف سيكون بمقدوره إخضاع العالم لأوهامه؟