عبدالمنعم ابراهيم: الشعوب التي أخذت اللقاحات ضد أوباما قد تنجو من «قمة بايدن»
اجتماع اليوم عبر الفيديو بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يبحث التوتر العسكري بين البلدين حول أوكرانيا والمناورات العسكرية الأمريكية وحلف النيتو في البحر الأسود، لكنه في الحقيقة هو مجرد «بروفة» أولية لما هو قادم في القمة التي سيعقدها بايدن حول «الديمقراطية» في العالم يومي 9 و10 ديسمبر الجاري، والتي دعا إليها دولاً للمشاركة في تلك القمة عبر الفيديو، واستبعد دولاً أخرى يصنفها بايدن بأنها «غير ديمقراطية»، وكانت الدول العربية كلها باستثناء العراق غير مدعوة إلى المشاركة!
وتتطلع أمريكا من خلال عقد «قمة الديمقراطية» هذه إلى تشكيل تحالف غربي واسع ضد الصين وروسيا، وهي بذلك تقسم العالم إلى طرفين متنافرين متعاديين كما كان الحال في «الحرب الباردة» بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، كما يضع العالم كله أمام حافة الهاوية واحتمال اندلاع حروب نظامية بين الدول في طرفي هذا الصراع الذي يرسمه جو بايدن حالياً في «قمة الديمقراطية» المقبلة، وقد بدأ مرجل الحريق يتصاعد مؤخراً في كل من أوكرانيا وبيلاروسيا وبولندا وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان ودول أخرى في أوروبا الشرقية.. فكلها مرشحة لاشتعال حروب نظامية بين حدودها الجغرافية.
لكن الخطر لا يقتصر فقط على اندلاع الحروب النظامية بين الحكومات والدول التي قسمها بايدن إلى فسطاطين متعاديين، ولكن «قمة الديمقراطية» التي سيعقدها بايدن يومي 9 و10 ديسمبر الجاري هدفها الجوهري إحياء مشروع إسقاط الأنظمة والدول من الداخل عن طريق إشعال ثورات وقلاقل وفتن طائفية وقومية وعرقية، شعارها «نشر الديمقراطية» في العالم، ولكنها في الحقيقة هي تمزيق الشعوب وتشريدها على مستوى العالم!
بالطبع تعتبر الدول العربية المختبر الثاني لهذه الحروب الأهلية، بعد «مختبر أوباما» الأول عام 2011، وبالتالي بالنسبة إلى الإدارة الأمريكية برئاسة بايدن، هي تعتبر الأنظمة العربية كلها مرشحة لمخطط التآمر الخارجي لإسقاطها، وتبرير ذلك باسم «نشر الديمقراطية الأمريكية» على الطريقة العراقية، أي إنشاء أنظمة حكم طائفلية أو عرقية فيها!
وللأسف سيكون السودان أول مرشح من الدول العربية والإفريقية لتنفيذ مشروع بايدن في إسقاط الأنظمة، وتحويل السودان إلى بؤرة صراع واقتتال داخلي بين الشعب السوداني باسم «نشر الديمقراطية الأمريكية» هناك، وطبعاً لن يكون السودان البلد العربي الوحيد الذي سوف يستهدفه مشروع بايدن في مؤتمر «قمة الديمقراطية» القادم، فهناك دول عربية أخرى سوف تتحرك فيها الإدارة الأمريكية لتقديم المساعدات المالية والدبلوماسية والإعلامية إلى جماعات متطرفة معادية لحكوماتها وأوطانها، بقصد تقوية عضلاتها وصناعة رموز معارضة وهمية لإشعال الثورات والفتن والإرهاب في الدول العربية.
ويبقى السؤال: إلى أي حد يستطيع بايدن في «قمة الديمقراطية» أن يعيد إشعال الحروب الأهلية في الدول العربية؟ وهل سينجح في استكمال مخطط أوباما؟
يمكن القول هنا إن الأوضاع السياسية العربية تشبه إلى حد كبير ما يعيشه العالم حاليا في مواجهة جائحة كورونا، وظهور متحورات جديدة من الفيروس مثل (دلتا) و(بيتا) و(أوميكرون)، فالدول والشعوب العربية التي أصيبت بفيروس (كورونا أوباما) في عام 2011 وعانت من أعراض (المرض الأوبامي)، أخذت الأمصال واللقاحات المضادة للفيروس الأمريكي المسمى «نشر الديمقراطية»، واكتسبت المناعة الكافية من عودة الفيروس.. ولذلك فإنها سوف تنجو من فيروس نشر «الديمقراطية الأمريكية» الذي ينوي بايدن إطلاقه في «قمة الديمقراطية» القادمة، لأنها شعوب اكتسبت «مناعة القطيع» بعد ويلات الفيروس الأوبامي الأول عام 2011، أما الشعوب العربية التي لم تأخذ اللقاحات الضرورية، ولم تصبها فيروسات كورونا أوباما عام 2011 فإنها مرشحة لأن تدخل دوامة الثورات المصطنعة والفتن الطائفية والعرقية والإرهاب وتشرد سكانها في البحار طلباً لحقّ اللجوء وموت الأطفال والنساء والشيوخ في قوارب الموت في حوض المتوسط.. ونتمنى على الشعب السوداني أن يعي الدروس الصعبة والقاسية والقاتلة التي مرت بها مصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن والبحرين عام 2011، وأن يأخذ الإخوة السودانيون اللقاحات المضادة مبكراً.