عبدالمنعم ابراهيم : لبنان.. منصة تحريض ضد البحرين وتهريب مخدرات إلى السعودية!
تكرَّرت مؤخرًا مطالباتٌ ومناشدات من داخلِ الحكومةِ اللبنانية، بل الرئاسة اللبنانية أيضا، بأهميةِ عودةِ العلاقاتِ السعوديةِ والخليجية إلى طبيعتها مع لبنان، وقد تبرَّعَ الرئيسُ الفرنسي (إيمانويل ماكرون) بالقيامِ بدورِ الوساطةِ بين الطرفين، وقام بزيارةٍ إلى قطر والإمارات والسعودية مؤخرا، بحث خلالها سبلَ إعادةِ العلاقاتِ الدبلوماسيَّةِ والتجاريَّة والاقتصاديَّة مع لبنان بعد التصريحاتِ المسيئةِ التي صدرت عن وزير الإعلامِ المستقيل (جورج قرداحي) بحق السعودية ودول الخليج في حرب اليمن ووقوفه إلى جانب المتمردين الحوثيين ضد قوات التحالف العربي لدعم الشرعيَّة بقيادة السعودية!
لكن المشكلة الحقيقية ليست بين دول الخليج ولبنان، بل المشكلة تكمنُ داخلَ لبنان نفسه، الذي يتحكمُ في قراراتِه السياسيَّةِ (حزبُ الله اللبناني)، والذي لديه أجندةٌ عقائديَّةٌ متطرفة تهدفُ إلى عزلِ لبنان عن محيطه العربي والخليجي، وإبقائه ضمن (المحور الإيراني) في المنطقة، وبالتالي فإن (حزبَ الله) هو الذي لا يريدُ إصلاحًا للعلاقاتِ اللبنانية – الخليجية، وليس السبب السعودية ودول الخليج، ولذلك فهو يفتعلُ المشاكلَ اليومية للإساءة إلى هذه العلاقات وتعريضها للانكسار أكثر وأكثر كلما لاحظ وجودَ مساعٍ لرأبِ الصدع بين لبنان وأشقائه العرب!
وكان آخر هذه العرقلات للحلول بالمصالحة ما قام به (حزبُ الله اللبناني) من دعمٍ وتمويلٍ ماليِّ ولوجستيِّ وإعلاميِّ لعقد مؤتمرٍ صحفي لجمعية الوفاق (المنحلة) في بيروت، تحت ما أسمته (التقرير الحقوقي العام عن الأوضاع في الداخل البحريني)، وقامت (قناةُ العالم) الإيرانية ببثِ وقائع المؤتمر مباشرة يوم الخميس الماضي من بيروت! والذي قالت عنه صحيفةُ (عكاظ) السعودية متسائلة: (ما هو موقفُ الرئيسِ اللبناني مشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي مما تعرضت له البحرين من اتهاماتٍ وإساءات من قلب بيروت)؟!
لقد استنكرت وزارةُ الخارجية البحرينية استضافةَ لبنان لعقد هذا المؤتمر المسيء إلى مملكة البحرين، بينما قالت وزارةُ الداخلية اللبنانية: (إنها لم تتلق أيَّ طلبٍ رسمي لعقد جمعية (الوفاق) المنحلة البحرينية مؤتمرًا صحفيًّا في بيروت كما تقتضي القوانين المرعية)! ومن جهته طلب رئيسُ الوزراء اللبناني (نجيب ميقاتي) إجراءَ تحقيقٍ فوري في مضمون مذكرة وزارة الخارجية البحرينية، وأكد رفضَه لاستخدام لبنان منطلقا للإساءة إلى البحرين.
الآن دعونا نتوقفُ أمام تساؤلٍ مهم: إذا كانت وزارةُ الداخلية اللبنانية ورئيس الحكومة (ميقاتي) لا يعلمون شيئا عن مؤتمر الوفاق الصحفيِّ التحريضيِّ ضد مملكة البحرين، فمن الذي حجز قاعةَ الفندق للمؤتمر ووفَّر التمويلَ المالي واللوجستي والإعلامي الإيراني والبث التلفزيوني للإرهابيين الهاربين من وجه العدالة في البحرين وسمح لهم بعقد ذلك المؤتمر في قلب بيروت.
إنه حزبُ الله اللبناني.. هو الذي قام بكل هذه الخدمات لتسهيل حركة الإرهابيين البحرينيين في لبنان، بل إن (حزبَ الله) يوفِّرُ حمايةً سياسية ومليشياوية مسلحة لبث قنوات تلفزيونية تابعة لجمعية الوفاق المنحلة تصدر من لبنان، ولا يستطيع رئيسُ الحكومة ولا حتى رئيس الدولة (عون) أن يوقف بث هذه القنوات المحرضة على الفتنة والتطرف والإرهاب داخل البحرين!
ثم يأتي الساسةُ اللبنانيون ويطلبون من السعودية ودول الخليج أن يعيدوا العلاقاتِ الدبلوماسيَّة والتجاريَّة والاقتصاديَّة مع لبنان! فقط منذ يومين أحبطت القوى الأمنيَّةُ اللبنانية عمليةَ تهريب كمية كبيرة من حبوب (الكبتاجون) المخدرة من لبنان إلى الأردن، ومن ثم إلى السعودية! كانت مخبأة في شحنة من (البن)، وضبط أربعة ملايين حبة كبتاجون لتهريبها إلى السعودية، والكل يعلم أن (حزبَ الله) هو الذي يرعى ويقوم بتهريب المخدرات إلى السعودية وبقية دول الخليج، ضمن تجارة محظورة دوليًّا بقصد تمويل ميزانية الحزب وراتب عناصر مليشياته البالغ عددهم مائة ألف مقاتل في لبنان باعتراف (حسن نصرالله) بنفسه حين هدد بهم خصومه السياسيين!
إذن مشكلة لبنان ليست مع السعودية وبقية دول الخليج، مشكلة لبنان مع (حزب الله اللبناني)، فهو الذي يحرجُ الرئاسةَ اللبنانية ويحرجُ رئيسَ الحكومة ووزراءه باستفراده باتخاذِ القرارات السياسية (السيادية) في قبضة يده! بل إن (حزب الله) صار يتدخلُ في سير القضاء اللبناني لمنع التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت!
لذا مطلوب من الساسة اللبنانيين أن يحلوا مشكلتهم مع احتكار (حزب الله) للسلطة في لبنان، ويوقفوا التدخلات الإيرانية في شؤون لبنان الداخلية، قبل أن يطلبوا المصالحةَ مع السعودية ودول الخليج، فالمشكلة الحقيقية هناك، وليس هنا في الخليج.