نافع حوري الظفيري : الكويت وعِبرة لبنان
في الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، وقبل اندلاع الحرب الأهلية في لبنان الشقيق الذي كان خلال تلك الفترة ” باريس الشرق ” ومع أننا لم نلحق تلك الفترة في عمر هذه الدولة الجريحة في هذا الوقت إلا أننا نسمع من الأولين عن جمال وعشق العرب لهذه الدولة لأسباب عدة، أولها التعايش السلمي بين مكونات الشعب اللبناني بجميع طوائفه ومذاهبه المختلفة وحرصهم على تميز دولتهم بين الدول وخصوصاً العربية، وجمال وتسامح الشعب اللبناني الذي يشبه طيبة بلاده الجميلة، إلا أن الكمال لوجه الله تعالى فإذا أراد بقوم شيئاً يفعله وما هم بعالمين من أين يأتي الدمار . انهيار لبنان بدأ عندما دبت فتنة العنصرية ومعها اشتغلت بعض الدول لاستغلال تلك الفتنه لإذلال اللبنانيين وكسر شوكتهم واستغلالهم لأمور بعيدة خارجة عن طيبة وتسامح الشعب اللبناني الذي يعشق الجمال والتميز، وتمكن أعداء الغد المشرق باستغلال تلك العنصرية لتفريق مكونات الشعب اللبناني بجميع طوائفه ومذاهبه، ليصل لبنان الجميل إلى ما وصل إليه من انهيار اجتماعي واقتصادي وسياسي وسياحي.
تلك الفتنة أخمدت، وبجهود المغفور له بإذن الله تعالى الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله ـ فقد استطاع جمع شمل اللبنانيين في مؤتمر” الطائف ” وقد نجح في ذلك، إلا أن بعض الأيدي الخفية من بعض المتربصين عملوا على محاربة اتفاق الطائف بكل قواهم لكي يبقى لبنان تحت تصرفهم وسيطرتهم.
الحقيقة وبعد أن قرأنا عن المآسي والويلات التي حدثت في لبنان الشقيق نجد أنه، ومع كل الأسف، بعض الجهلة من محاربي الوطنية وقصيري النظر وبتوجيهات حاقدين على شموخ الكويت يحاولون نقل المشهد اللبناني لبلادنا بإحياء تلك الفتنة التي تبدأ صغيرة إلا إنها تنتشر كانتشار السرطان في الجسد، أبعد الله عنكم شر الأمراض.
لم أكن ولا كنت أتصور أن الطائفية تصل إلى المدارس والمعاهد والجامعات : أين هي جامعة الكويت التي كنا نعرفها من قبل، كنا طلبة لا نفرق بين هذا وذاك لم نعرف معنى الطائفية والعنصرية بيننا، كنا طلبة بقلب واحد، وحتى بعد تخرجنا من الجامعة نجد زملاء الدراسة الذين عشنا معهم أجمل أيام العمر كل واحد في موقعه الوظيفي يستقبلك ودمعة عين كل واحد تستقبله رغم الاختلاف المذهبي. أقول ، مع كل الأسف، لا يوجد أي اختلاف لان الذي كان يجمعنا ليس جامعة الكويت بل الذي يجمعنا هو” الكويت الجامعة ” وستظل بحول الله جامعة لكل مخلص لها وتلعن كل من يفكر بغدرها .. نحن الكويتيين يجب ان نأخذ العِبر من الآخرين ونتمعن جيداً فيما يحصل لديهم وأقرب مثال هو شقيقنا الجريح لبنان، وأذكر كلمة للمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ جابر الأحمد الصباح ، رحمه الله، عندما حذر الكويتيين في فترة من الفترات أن لا نصل إلى ما وصل إليه الآخرون.
نلوم المسؤولين الذين يرون كل شيء أمام أعينهم، ويرون ” بذرة الفتنة ” قد بدأت ترتفع من تحت رمادها وهم لايفعلون شيئا ويقفون موقف المتفرج، وكأن كل مسؤول يرمي المسؤولية على الآخر. فوالله لا ينفع الندم بعد أن نرى بعض الحاقدين قد استطاعوا وبكل قواهم أن يحققوا مآربهم السوداء ضد الكويت التي ستظل عصية عليهم بكل قطرة عرق من مواطن مخلص لهذه الأرض الغالية .
اللهم احفظ الكويت من كل مكروه .
* * *
أتقدم بأحر التعازي لأسرة الصباح الكرام لوفاة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ دعيج الخليفة الصباح، اسكنه الله فيسح جناته، “إنا لله و إنا إليه راجعون”.