رأي في الحدث

عبدالمنعم ابراهيم : الغرب يريد لليمن حرب استنزاف وليس نصرا للتحالف العربي

رغم‭ ‬الضرباتِ‭ ‬الموجعةِ‭ ‬التي‭ ‬يوجهها‭ ‬التحالفُ‭ ‬العربيُّ‭ ‬لدعم‭ ‬الشرعيَّةِ‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬بقيادةِ‭ ‬السعودية‭ ‬لمواقع‭ ‬المتمردين‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة،‭ ‬فإن‭ ‬الهجمات‭ ‬الصاروخية‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيّرة‭ ‬المفخخة‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬استهداف‭ ‬مدن‭ ‬ومطارات‭ ‬سعودية،‭ ‬إذ‭ ‬قال‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني‭ ‬السعودي‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬الأول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬سعوديًّا‭ ‬ويمنيًّا‭ ‬قُتلا‭ ‬وأصيب‭ ‬سبعةٌ‭ ‬آخرين‭ ‬بجروح‭ ‬مساء‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضي‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬‮«‬مقذوف‭ ‬عسكري‮»‬‭ ‬على‭ ‬متجر‭ ‬أطلقته‭ ‬المليشيات‭ ‬الحوثية‭ ‬الإرهابية‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬الأراضي‭ ‬اليمنية‭ ‬تجاه‭ ‬محافظة‭ ‬صامطة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬جازان،‭ ‬كما‭ ‬تضرر‭ ‬محلان‭ ‬تجاريان‭ ‬و12‭ ‬مركبة‭ ‬بسبب‭ ‬الشظايا‭ ‬المتطايرة‮»‬‭.. ‬ومن‭ ‬جهته‭ ‬قال‭ (‬التحالف‭ ‬العربي‭) ‬إنه‭ ‬سيكشف‭ ‬تفاصيل‭ ‬جديدة‭ ‬خلال‭ ‬إحاطة‭ ‬شاملة‭ ‬للأزمة‭ ‬اليمنية،‭ ‬حول‭ ‬تحويل‭ (‬مطار‭ ‬صنعاء‭) ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬لإطلاق‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬والمسيرات،‭ ‬وأنه‭ ‬سيعرض‭ ‬أدلة‭ ‬على‭ ‬تورط‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬الإرهابي‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬وكذلك‭ ‬أدلة‭ ‬تورط‭ ‬المليشيات‭ ‬اللبنانية‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬مطار‭ ‬صنعاء‭ ‬لاستهداف‭ ‬السعودية،‭ ‬وأعلن‭ ‬تنفيذ‭ ‬40‭ ‬استهدافا‭ ‬ضد‭ ‬مليشيات‭ ‬الحوثي‭ ‬في‭ ‬مأرب‭ ‬والجوف‭ ‬خلال‭ ‬الـ24‭ ‬ساعة‭ ‬الماضية،‭ ‬وتدمير‭ ‬17‭ ‬آلية‭ ‬عسكرية‭ ‬وخسائر‭ ‬بشرية‭ ‬تجاوزت‭ ‬223‭ ‬عنصرا‭ ‬من‭ ‬مليشيات‭ ‬الحوثي،‭ ‬وأن‭ ‬الحوثيين‭ ‬نقلوا‭ ‬أسلحة‭ ‬نوعية‭ ‬إلى‭ ‬معسكر‭ ‬التشريعات‭ ‬أثناء‭ ‬مهلة‭ ‬التحالف‭ ‬السابقة،‭ ‬وأنه‭ ‬تم‭ ‬تدمير‭ ‬9‭ ‬مخازن‭ ‬للأسلحة‭ ‬بالمعسكر‭ ‬بعد‭ ‬نقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬إليها‭.‬

ورغم‭ ‬الخسائر‭ ‬الفادحة‭ ‬التي‭ ‬تلقتها‭ ‬مليشيات‭ ‬الحوثي‭ ‬في‭ ‬المعارك‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬والجيش‭ ‬اليمني،‭ ‬فإن‭ (‬إيران‭) ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬اليمن،‭ ‬أو‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬استهداف‭ ‬المدن‭ ‬والمطارات‭ ‬والموانئ‭ ‬السعودية،‭ ‬ولذلك‭ ‬فهي‭ ‬تدفع‭ ‬الحوثيين‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬والمسيرات‭ ‬ضد‭ ‬السعودية،‭ ‬بل‭ ‬تعوضهم‭ ‬عن‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬المعدات‭ ‬والأسلحة‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬التهريب‭ ‬لهذه‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلى‭ ‬اليمن،‭ ‬فقد‭ ‬ضبطت‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬شحنة‭ ‬أسلحة‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬سفينة‭ ‬صيد‭ ‬مصدرها‭ ‬إيران،‭ ‬وأنها‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬بحسب‭ ‬بيان‭ ‬صدر‭ ‬ليل‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي،‭ ‬وتتألف‭ ‬الشحنة‭ ‬بحسب‭ ‬بيان‭ ‬الأسطول‭ ‬الخامس‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬نحو‭ ‬1400‭ ‬رشاش‭ ‬من‭ ‬طراز‭ (‬ايه‭.‬كي‭-‬47‭) ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬226‭ ‬ألف‭ ‬طلقة‭ ‬ذخيرة،‭ ‬وقد‭ ‬جرت‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬بحر‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬ديسمبر‭.‬

ويمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬قوات‭ ‬التحالف‭ ‬بقيادة‭ ‬السعودية‭ ‬لا‭ ‬تقاتل‭ (‬الحوثيين‭) ‬وحدهم،‭ ‬إنها‭ ‬تقاتل‭ ‬إيران‭ ‬هناك،‭ ‬وتقاتل‭ (‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭) ‬هناك،‭ ‬وتقاتل‭ ‬خبراء‭ ‬وضباط‭ ‬ومدربين‭ ‬عسكريين‭ ‬من‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬هناك‭.. ‬أما‭ ‬الحوثيون‭ ‬فهم‭ ‬مجرد‭ ‬قفاز‭ ‬قذر‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬إيران‭ ‬للفتك‭ ‬بالشعب‭ ‬اليمني،‭ ‬والتضحية‭ ‬بالأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يجندونهم‭ ‬ويزجون‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأمامية‭ ‬من‭ ‬المعارك‭ ‬في‭ ‬مأرب‭ ‬والجوف‭ ‬ومناطق‭ ‬صراع‭ ‬أخرى‭ ‬باليمن‭.‬

وللأسف‭ ‬سوف‭ ‬يستمر‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المأساوي‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬ما‭ ‬ظل‭ ‬هناك‭ (‬فيتو‭) ‬أمريكي‭ ‬بريطاني‭ ‬أوروبي‭ ‬يمنع‭ ‬السعودية‭ ‬ودول‭ ‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬حسم‭ ‬الصراع‭ ‬لصالح‭ ‬انتصار‭ ‬جيش‭ ‬الشرعية،‭ ‬وإنهاء‭ ‬الانقلاب‭ ‬الحوثي‭ ‬بشكل‭ ‬حاسم‭.. ‬فكل‭ ‬هذه‭ ‬الأطراف‭ ‬الأجنبية‭ ‬تصدر‭ ‬البيانات‭ ‬المنددة‭ ‬والمستنكرة‭ ‬للهجمات‭ ‬الحوثية‭ ‬بالصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬ضد‭ ‬السعودية،‭ ‬فقد‭ ‬قالت‭ ‬السفارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ (‬إن‭ ‬هجمات‭ ‬الحوثيين‭ ‬تديم‭ ‬أمد‭ ‬الصراع،‭ ‬وتطيل‭ ‬معاناة‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني،‭ ‬وتعرض‭ ‬الشعب‭ ‬السعودي‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬ألف‭ ‬مواطن‭ ‬أمريكي‭ ‬يقيمون‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬للخطر‭)‬،‭ ‬لكن‭ ‬بيانات‭ ‬الإدانة‭ ‬لا‭ ‬توقف‭ ‬الحوثيين‭ ‬ومن‭ ‬ورائهم‭ (‬إيران‭) ‬عن‭ ‬أعمالهم‭ ‬الإجرامية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭.‬

السعودية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬حقيقي‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬لكي‭ ‬توقف‭ ‬الانقلاب‭ ‬الحوثي‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬أما‭ ‬تعويل‭ ‬هذه‭ ‬الأطراف‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬الحلول‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والمراهنة‭ ‬على‭ ‬التسوية‭ ‬السلمية‭ ‬للصراع،‭ ‬فهذا‭ ‬وهم‭ ‬كبير،‭ ‬لأن‭ ‬الحوثيين‭ ‬وإيران‭ ‬لا‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬التسوية‭ ‬السلمية،‭ ‬وإيران‭ ‬لا‭ ‬يهمها‭ ‬لو‭ ‬مات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬ما‭ ‬ظلت‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬قفازها‭ (‬الحوثيين‭) ‬وتستخدمهم‭ ‬وقود‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬ضرب‭ ‬المدن‭ ‬والمطارات‭ ‬والموانئ‭ ‬السعودية‭.. ‬ومن‭ ‬الزاوية‭ (‬النفعية‭) ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الأطراف‭ ‬الغربية‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬لحرب‭ ‬اليمن‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬أيضا،‭ ‬لأنها‭ ‬تعتبرها‭ ‬الدجاجة‭ ‬التي‭ ‬تبيض‭ ‬ذهبا،‭ ‬نحو‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬استيراد‭ ‬الأسلحة‭ ‬من‭ ‬مصانعها‭ ‬الغربية‭.. ‬تريدها‭ ‬حرب‭ ‬استنزاف‭ ‬وليس‭ ‬نصرا‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى