عبدالمنعم ابراهيم : شكوى (زلماي زاد) مما يحدث في العراق كان من الممكن أن تتكرر في البحرين
الدبلوماسي الأمريكي من أصل أفغاني (زلماي خليل زاد) يعدُّ رجلَ البيت الأبيض في قيادةِ الحوار الأمريكي – الأفغاني سواء في حكم الجمهوريين أو الديمقراطيين، وهو مهندسُ الاتفاقِ الأخير الذي أُبرمَ بين الإدارة الأمريكية مع حركة (طالبان) في مفاوضات (الدوحة) العام الماضي، والذي أفضى إلى انسحابِ القوات الأمريكية وقوات حلف الأطلسي من أفغانستان وتسليم الحكم لحركة (طالبان)، ومن ثم فإن تصريحاته تعبر إلى حد كبير عن رأي الإدارة الأمريكية، ولذلك تأتي التصريحات التي أدلى بها بالأمس ونشرتها «أخبار الخليج» في منتدى (السلام والأمن) الذي نظمته الجامعة الأمريكية في (دهوك) بإقليم كردستان العراقي، تأتي تلك التصريحات لتعبر عن رأي (واشنطن) في الطبقة السياسية الحاكمة حاليا في العراق.
ومن أخطر ما صرح به (زلماي خليل زاد) قوله لرئيس تيار الحكمة (عمار الحكيم) في ذلك المنتدى: «إن الأمريكان تعهدوا للقادة الشيعة – من بينهم والد عمار الحكيم (عبدالعزيز الحكيم) خلال مؤتمر لندن للمعارضة العراقية – تسليمهم حكم العراق بعد الإطاحة بصدام حسين، لكن أولئك القادة لم يكونوا أوفياء لمن نصَّبهم حكامًا على أغنى وأهم بلد في الشرق الأوسط»، وقال مخاطبا الحكيم: «بدأتم تستهدفون سفارتنا وقواتنا التي جاءت لحمايتكم بعد أن نصبتكم حكاما! إننا خرجنا من أفغانستان برغبتنا رغم أن الرئيس الأفغاني (أشرف غني) كان متشبِّثا ببقائنا، لكننا فضلنا الانسحاب، وسلمنا الحكم إلى (طالبان)، وعلى عكس ذلك فإنكم بدلا من أن تشكرونا على إزاحة صدام وتسليمكم حكم العراق تم استهدافنا!» وختم رسالته إلى القادة الشيعة من خلال (عمار الحكيم) بالقول: «إننا لن نسلِّم حكمًا للعراق بعد الآن إلى جهة تعضَّنا، بل سوف نسلمه إلى جهة تتعامل معنا بوفاء وتقر بالعرفان، ولن تكون عاقةً كما كان السياسيون الشيعة طيلة السنوات التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين.. إن الأمريكان سينسحبون بالكامل من العراق، وإنهم قادرون على أن يسلموا الحكم لمن لا يعضون اليد التي أحسنت إليهم.. هذا ما سيحصل».
ما قاله (زلماي خليل زاد) حول تطور الأوضاع السياسية في العراق كنا نقوله في الصحافة منذ سنوات طويلة، أي منذ عام 2003 حتى الآن، وهو أن (واشنطن) هي التي لعبت دور الأسد في عملية إسقاط النظام العراقي بمساعدة طبعا من بريطانيا إبان حكم رئيس الوزراء البريطاني (توني بلير)، وأنها هي التي سلمت الحكم بعد سقوط صدام للطبقة السياسية الشيعية التي كانت موجودة في إيران وبريطانيا قبل 2003، وبتعبير آخر إن أمريكا سلمت العراق لإيران على طبق من فضة! ولن نحتاج إلى جهدٍ فكري كبير لنتذكر أن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأسبق (باراك أوباما) حاولت بل سعت بكل الوسائل الدبلوماسية وممارسة الضغوط والابتزاز السياسي إلى استنساخ نموذج الحكم الطائفي العراقي في مملكة البحرين في فبراير عام 2011، وشجعت إدارة (أوباما) ووزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك (هيلاري كلينتون) على دعم الإرهابيين الموالين لإيران في البحرين واعتبرت (واشنطن) آنذاك الأعمال الإرهابية وقتل رجال الشرطة في البحرين والمدنيين بالمتفجرات والدهس بالسيارات على أنها ممارسة لحرية الرأي والتعبير!! وأن أولئك الإرهابيين نشطاء والمعارضة سلمية!!
ولولا حكمةُ القيادة السياسية في مملكة البحرين ودعم الأشقاء في السعودية والإمارات ويقظة الشعب البحريني لنجح مخطط (أوباما) في البحرين، ولأصبحنا الآن أمام حكم طائفي سقيم كما هو موجود حاليا في العراق.. ولذلك يصبح من باب الإنصاف أن تشكر (واشنطن) الآن حكومة البحرين لأنها أفشلت مخطط حكم طائفي موالٍ لإيران في البحرين عام 2011، لأنه لو نجحت الجماعات الإرهابية الموالية لإيران في حكم البحرين آنذاك، لأصبحت (السفارة الأمريكية) في المنامة، وكذلك القاعدة العسكرية الأمريكية في البحرين، والجنود والمواطنون الأمريكان العاملون في البحرين أهدافا تقصف بالصواريخ من المليشيات الإيرانية، تماما مثلما يحدث حاليا في العراق، ويشتكي حولها بمرارة (زلماي خليل زاد) من تحالف الطبقة السياسية الشيعية في العراق مع الحرس الثوري الإيراني ضد القوات الأمريكية هناك التي تتعرض حاليا لوابل من الصواريخ والمسيرات الإيرانية يوميا.
حقا على (الإدارة الأمريكية) في واشنطن حاليا أن تنظر بامتنان إلى حكومة البحرين لأنها حمت المصالح الأمريكية في البحرين من أن تكون هدفا عسكريا لإيران لو نجح مخطط (أوباما) عام 2011.