فوزية رشيد: اليمن وليأخذ الحزم مجراه!
{ مرّت 7 سنوات على أزمة اليمن بعد انقلاب «الحوثي» على الشرعية اليمنية، وتشكّل التحالف العربي لحماية اليمن من المد الأخطبوطي الإيراني، الذي أراد ارتهان هذا البلد العربي عن طريق مرتزقته وعملائه «الحوثيين» ليكون تحت هيمنته، كما فعل في لبنان عن طريق «الحزب» الذي شكله وموّله، وحتى اللحظة يعاني لبنان من مرارة وسطوة ذلك الارتهان، الذي أودى بشعبه إلى مدارك مظلمة لم يعهدها هذا البلد العربي المشرق قبل ذلك! وكما فعلت إيران في العراق أيضا عن طريق ذات «الفلسفة المليشياوية» التي تشكلت على أساسها مليشيات «الحشد الشيعي»، وأغليها ارتزاقية وذات ولاء مطلق للمرشد الأعلى، فعاثت في العراق فتنة وطائفية ودموية ليختبر العراقيون مآسي تلو المآسي، ورغم ثروات البلد الكبيرة لا يزال الشعب العراقي، يعيش في حلكة ظلام تلك الهيمنة، التي يعمل «الصدريون» وكل شباب ثورة تشرين والوطنيون من الطوائف كلها، على خلخلة تلك الهيمنة، خاصة بعد الصراع البرلماني والسلطوي الدائر حتى قبل يومين!
{ وفعلت إيران ما فعلته في سوريا، وما أرادت أن تفعله في عدد من دول الخليج العربي، ولذلك شكّل اليمن في ظل «الانقلاب الحوثي» خطرًا متصاعدًا وداهمًا، على بلاد الحرمين وعلى الخليج، عبر تعزيز الهيمنة الإيرانية على العديد من العواصم العربية، التي يتفاخرون بالهيمنة عليها عن طريق وكلائهم ومرتزقتهم والأذرع المليشياوية المحلية التابعة لهم، ومن هنا وعلى أرضية احتدام الأطماع الإيرانية، برزت أهمية «عاصفة الحزم» برئاسة السعودية وقيادة التحالف العربي، لا لتخليص اليمن وحده، وإعادة الشرعية والأمن والاستقرار إلى ربوعه، وإنما لحماية الخليج والمنطقة من الدور التخريبي الذي رهن «الحوثي» نفسه له، في صالح مشروع المد الإيراني التوسعي، وعلى هذه الخلفية كانت حرب تحرير اليمن حربًا مشروعة، ليس فقط للشرعية، وإنما لدول الخليج والمنطقة بقيادة «التحالف»، حفاظًا على أمن الخليج وأمن المنطقة!
{ الحوثيون لا يعرفون لغة السلام ولا لغة (المشاركة السياسية الوطنية) لأن أساس انقلابهم كان هو الاستحواذ ولعب دور الأداة في يد إيران، ولذلك وطوال 7 سنوات ورغم الاتفاقيات المختلفة منذ ما قبل «عاصفة الحزم» وبعدها، بقيت المماطلة سيدة الموقف الحوثي، والاستيلاء على العاصمة صنعاء والمحافظات المحيطة بها، وسط مماطلة أخرى أشد دهاء وخبثًا هي (المماطلة الأممية) والقوى الكبرى! التي ما أن تشعر بقرب هزيمة «الحوثي» حتى تمدّ له حبل الإنقاذ، والدوران في المفاوضات التي لم تكن تسفر قط عن أية نتيجة، لأن تلك القوى لا تريد للتحالف الانتصار وتحرير اليمن من الإرهاب الحوثي، وإنما هي تريد فقط إدارة الصراع إلى ما لا نهاية! ما عرقل كثيرًا حرب التحرير في اليمن، إلى جانب عوائق أخرى كثيرة تتعلق بالداخل اليمني وبالأداء الحكومي اليمني، وبإيغال الحوثيين في حمامات الدم لكل من يعارضهم، أو يعمل على التملص منهم!
{ اليوم يسجّل التحالف انتصارات حاسمة في العديد من المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، ليتم تحرير العديد من المحافظات آخرها «شبوة» من أجل تحرير «مأرب» و«البيضاء» وصولاً إلى العاصمة صنعاء، وتحرير ميناءي «الحديدة والصليف» اللذين يستخدمهما الحوثيون وإيران لأغراض عسكرية وبتواطؤ من الأمم المتحدة! ولم يكن احتجاز سفينة في البحر الأحمر هذا الأسبوع بعيدًا عن ذلك الاستخدام، وباتهام واضح من السعودية وبصور موثقة حول الأنشطة العسكرية هناك!
{ الحزم الذي عبثت الأمم المتحدة وقوى كبرى في حيثياته وعرقلته! هو السبيل الوحيد لتحرير اليمن من «الإرهاب الحوثي» والداء الإيراني، ولا سبيل غيره! لأن إيران وذراعها الحوثي لا يفهمان غير لغة القوة والانتصار العسكري، وهذا ما يحققه التحالف في الفترة الأخيرة، وحيث بات «الحوثي» محاصرًا بتقدم «ألوية العمالقة» ومن الدفاع إلى الهجوم، وحيث تحرير المحافظات وصولاً إلى تحرير صنعاء هو الهدف النهائي لها، ولأجل ذلك يتم اليوم التقدم لتحرير المحافظات المحيطة بصنعاء وأهمها «مأرب» و«البيضاء» وحيث تحولت «مأرب» في الشهور الأخيرة إلى منطقة استماتة إيرانية – حوثية، باعتبار الانتصار فيها ذا بعد استراتيجي في عملية التحرير الكاملة أو بقاء الحوثي أداة لتهديد مستمرة! لن يعود اليمن إلى سابق عهده، ما قبل الانقلاب الحوثي، إلا بدحر هذه «الأداة الإيرانية» وعلى التحالف أن يستمر في حزمه، بعد أن اختبر كل أشكال العوائق الداخلية في اليمن، والخارجية التي تديرها قوى كبرى وتواطؤ الأمم المتحدة! فالقصة هي قصة أمن قومي خليجي وعربي، وليس فقط أمن واستقرار اليمن، فكلا المسارين مرتبطين ببعضهما وهذا ما يدركه اليوم التحالف بقيادة السعودية جيدًا وهذا ما يعمل التحالف على حسمه!