رأي في الحدث

السيــد زهــــره :لا بديل عن هزيمة الحوثيين

التقرير‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬الإيرانية‭ ‬الحوثية‭ ‬على‭ ‬السعودية‮»‬‭ ‬ونشرنا‭ ‬تفاصيل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭.‬

التقرير‭ ‬بذل‭ ‬فيه‭ ‬خمسة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬الباحثين‭ ‬جهدا‭ ‬كبيرا‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬توثيق‭ ‬كل‭ ‬أبعاد‭ ‬العدوان‭ ‬الإيراني‭ ‬الحوثي‭ ‬على‭ ‬السعودية‭. ‬يقدم‭ ‬التقرير‭ ‬معلومات‭ ‬وحقائق‭ ‬وأرقاما‭ ‬تفصيلية‭ ‬عن‭ ‬تطور‭ ‬العدوان‭ ‬وكل‭ ‬أبعاده‭.‬

والتقرير‭ ‬يضع‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬سياقه‭ ‬الصحيح،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬أنه‭ ‬يندرج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حرب‭ ‬سافرة‭ ‬تشنها‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬السعودية‭ ‬عبر‭ ‬عملائها‭ ‬الحوثيين‭ ‬وهذه‭ ‬الحرب‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬إيران‭ ‬التوسعي‭ ‬الطائفي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬يكشف‭ ‬التقرير‭ ‬بوضوح‭ ‬الأهداف‭ ‬الإيرانية‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬العدوان،‭ ‬والتي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬النفوذ‭ ‬التوسعي‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وإقامة‭ ‬نظام‭ ‬ديني‭ ‬طائفي‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬يكون‭ ‬تابعا‭ ‬لإيران‭. ‬وبالتالي‭ ‬فهذا‭ ‬العدوان‭ ‬لا‭ ‬يستهدف‭ ‬السعودية‭ ‬وحدها‭ ‬وإنما‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭.‬

قد‭ ‬تكون‭ ‬المعلومات‭ ‬والحقائق‭ ‬التي‭ ‬يتضمنها‭ ‬ليست‭ ‬جديدة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬لكن‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬والساسة‭ ‬والإعلاميين‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭.‬

الرأي‭ ‬العام‭ ‬والساسة‭ ‬والإعلاميون‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬ليسوا‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بكامل‭ ‬وتفاصيل‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وأبعاد‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬السعودية‭ ‬وباقي‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬وبأبعاد‭ ‬المشروع‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

هذا‭ ‬الجهل‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬أساسي‭ ‬منه‭ ‬بسبب،‭ ‬كما‭ ‬يذكر‭ ‬التقرير‭ ‬نفسه،‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تعمدت‭ ‬التعتيم‭ ‬سياسيا‭ ‬وإعلاميا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وحقيقة‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬الحوثيون‭ ‬والنظام‭ ‬الإيراني‭.‬

والأمر‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬التعتيم‭ ‬الإعلامي‭ ‬والسياسي‭ ‬وتعمد‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الخطر‭ ‬الإيراني‭ ‬الحوثي،‭ ‬لكنه‭ ‬يتعدى‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬حملات‭ ‬تشويه‭ ‬واسعة‭ ‬ومتعمدة‭ ‬تتبناها‭ ‬وتروج‭ ‬لها‭ ‬جهات‭ ‬سياسية‭ ‬وإعلامية‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬للسعودية‭ ‬ومواقفها‭ ‬ولحقيقة‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬عموما‭.‬

على‭ ‬ضوء‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬يتضح‭ ‬مدى‭ ‬أهمية‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بحقيقة‭ ‬وأبعاد‭ ‬العدوان‭ ‬الإيراني‭ ‬الحوثي‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬يقدمه‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭.‬

وهذا‭ ‬التقرير‭ ‬يستمد‭ ‬أهمية‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬الموقف‭ ‬الرسمي‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭ ‬مما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬وهو‭ ‬موقف‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬السلبية‭ ‬والسوء‭ ‬عموما‭.‬

إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬أقدمت‭ ‬على‭ ‬خطوتين‭ ‬كبيرتين‭ ‬كان‭ ‬لهما‭ ‬أكبر‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬مفاقمة‭ ‬خطر‭ ‬العدوان‭ ‬الإيراني‭ ‬الحوثي‭ ‬على‭ ‬السعودية‭ ‬وعلى‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني‭ ‬بالطبع‭.‬

الأولى‭: ‬قيامها‭ ‬برفع‭ ‬مليشيات‭ ‬الحوثي‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭. ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ -‬كما‭ ‬هو‭ ‬معلوم‭- ‬أكبر‭ ‬دعم‭ ‬للحوثيين‭ ‬وللمشروع‭ ‬الإيراني‭ ‬أيضا‭. ‬وكان‭ ‬تأثيره‭ ‬المباشر‭ ‬بتصاعد‭ ‬العدوان‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭.‬

والثانية‭: ‬قيام‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬بسحب‭ ‬صواريخ‭ ‬باتريوت‭ ‬من‭ ‬السعودية‭. ‬أيضا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬بمثابة‭ ‬رسالة‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬السلبية‭ ‬مؤداها‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬معنية‭ ‬كثيرا‭ ‬بتعزيز‭ ‬قدرات‭ ‬السعودية‭ ‬الدفاعية،‭ ‬أو‭ ‬هكذا‭ ‬فهمت‭ ‬إيران‭ ‬وعملاؤها‭.‬

على‭ ‬ضوء‭ ‬هذا،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريبا‭ ‬أن‭ ‬ينتقد‭ ‬التقرير‭ ‬سياسات‭ ‬ومواقف‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬وأن‭ ‬يدعوها‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬السعودية‭ ‬بشكل‭ ‬جدي‭ ‬وإلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬أكثر‭ ‬حزما‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬إيران‭ ‬وعدوانها‭ ‬ومشروعها‭.‬

المهم‭ ‬أن‭ ‬النتيجة‭ ‬النهائية‭ ‬التي‭ ‬يخرج‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬يقرأ‭ ‬التقرير‭ ‬هي‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬الفادح‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬محادثات‭ ‬مع‭ ‬الحوثيين‭ ‬ومن‭ ‬خلفهم‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬أو‭ ‬سلام‭. ‬موضوع‭ ‬التسوية‭ ‬السياسية‭ ‬ليس‭ ‬واردا‭ ‬لدى‭ ‬الإيرانيين‭ ‬والحوثيين‭. ‬يريدون‭ ‬مجرد‭ ‬إضاعة‭ ‬الوقت‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬ينجح‭ ‬مشروعهم‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بالحوثيين‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬بالمشروع‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬اليمن‭. ‬من‭ ‬دون‭ ‬هذا‭ ‬سيظل‭ ‬الخطر‭ ‬قائما‭ ‬على‭ ‬اليمن‭ ‬والسعودية‭ ‬وكل‭ ‬المنطقة‭.‬

التحالف‭ ‬والقوات‭ ‬اليمنية‭ ‬تخوض‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬حربا‭ ‬كبرى‭ ‬لتحرير‭ ‬اليمن‭ ‬من‭ ‬الحوثيين‭ ‬واستعادة‭ ‬الدولة‭. ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يدعمها‭ ‬الكل‭ ‬عربيا‭ ‬وعالميا‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬حريصة‭ ‬حقا‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬فعليها‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬بقوة‭ ‬وراء‭ ‬عملية‭ ‬تحرير‭ ‬اليمن‭ ‬وهزيمة‭ ‬الحوثيين‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى