السيــد زهـــره : العدوان على الإمارات ..الرسائل الإيرانية
العدوان الإرهابي الذي شنه الإرهابيون الحوثيون على الإمارات تطور خطير ليس بحكم ما يمثله من تهديد مباشر لأمن واستقرار الإمارات، فتأثيره محدود، وليس بحكم ما خلفه من ضحايا وأضرار، وإنما أساسا بحكم ما يعنيه وما يقف وراءه من أهداف.
نقول مباشرة بلا مقدمات إن الأمر ليس بحاجة إلى تفكير عميق كي ندرك أن هذا العدوان يقف وراءه النظام الإيراني تخطيطا وتنفيذا وأهدافا.
المسألة هنا ليست فقط أن كل الأسلحة التي يشن بها الحوثيون مثل هذه الاعتداءات سواء كانت صواريخ أو طائرات مسيرة هي أسلحة إيرانية، ولكن لأن هذه الجماعة الإرهابية لا يمكن أن تشن عدوانا مثل هذا على الإمارات من دون أوامر وتعليمات وتوجيهات إيرانية، حتى أن بعض المراقبين يشككون في أن تكون الطائرات المسيرة التي نفذت العدوان قد انطلقت من اليمن أصلا وقطعت مسافة نحو 155 كيلومترا.
هذا العدوان على الإمارات تم لتحقيق أهداف إيرانية ولتوجيه رسائل محددة.
كي نفهم هذا علينا أن نتأمل تطورين كبيرين:
التطور الأول: ما يجري في اليمن حاليا. نعني تحديدا الهزائم الثقيلة المتتالية التي يمنى بها الإرهابيون الحوثيون على جبهات عدة وما تحققه قوات التحالف والقوات اليمنية من انتصارات.
ما يحدث على جبهات القتال في اليمن يعتبر تحولا استراتيجيا في الأوضاع برمتها ويعكس إصرارا على إنزال الهزيمة بالحوثيين وتحرير اليمن.
النظام الإيراني يدرك جيدا أن هزيمة الحوثيين لا يعني نهايتهم فقط كجماعة إرهابية ونهاية أوهام حكمهم لليمن وإقامة نظام «ولاية الفقيه»، لكنه يعني هزيمة لكامل المشروع الإيراني في اليمن، وبداية نهايته في المنطقة عموما.
بالنسبة إلى إيران هذا تطور في منتهى الخطورة. وعلى ضوء هذا حرصت عبر العدوان على الإمارات على توجيه رسالة مؤداها أنها لن تستلم أو تقبل بهزيمة الحوثيين ومشروعها في اليمن، وأن لديها أوراقا أخرى من بينها القدرة على نقل المعركة إلى الخارج وتهديد أمن واستقرار الإمارات والسعودية وأي دولة أخرى في المنطقة.
التطور الثاني: ما يجري على صعيد المفاوضات النووية في جنيف، وما تريده إيران من أمريكا.
المفاوضات دخلت مرحلة حساسة حرجة وحاسمة وما زالت الصورة غير واضحة حول نوع الاتفاق الذي يمكن أن ينتج عنها، وما يمكن أن تحصل عليه إيران أو لا تحصل وتتنازل عنه أمريكا أو لا تتنازل.
إيران تريد أن تخرج من هذا الاتفاق باعتبارها الفائز الأكبر وأن تحقق كل ما تريد.. رفع العقوبات بالكامل ومن دون أي التزامات جديدة ومن دون أي تطرق إلى دورها الإرهابي التخريبي في المنطقة. هذا لمجرد قبولها العودة إلى الاتفاق النووي
وإيران تدرك أن إدارة بايدن على الرغم من تخاذلها وضعفها إلا أنها في النهاية محكومة باعتبارات كثيرة داخلية وخارجية تجعلها غير مطلقة السراح لتقدم أي تنازلات يريدها النظام الإيراني.
على ضوء هذا نستطيع أن ندرك بسهولة أن هذا العدوان على الإمارات وراءه رسالة إيرانية واضحة إلى الإدارة الأمريكية.
الرسالة مؤداها أن إيران بيدها أوراق كثيرة للضغط خارج مائدة التفاوض في جنيف واهم هذه الأوراق أنها قادرة عل تقويض أمن واستقرار المنطقة وتهديد أقرب حلفاء أمريكا.
الرسالة مؤداها بعبارة أخرى أن إدارة بايدن ليس أمامها إلا أن ترضخ لمطالب إيران وتستجيب لها وإلا ستدفع ثمنا فادحا.
والدليل على أن هذه رسالة إيرانية من وراء العدوان هو أن العدوان يتزامن مع إقدام المليشيات الشيعية العميلة لإيران في العراق على تصعيد اعتداءاتها وهجماتها في الأيام الماضية.
إذا اتفقنا على ما ذكرت وعلى أن العدوان على الإمارات يشكل تطورا خطيرا، السؤال هو: إلى متى يستمر هذا الوضع؟. وماذا على الدول العربية أن تفعل إزاء هذا الخطر الذي نواجهه؟