رأي في الحدث

السيــد زهــره: عار على العرب

العدوان‭ ‬الحوثي‭ ‬الإيراني‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬الإمارات‭ ‬جاء‭ ‬ليؤكد‭ ‬مجددا،‭ ‬إن‭ ‬كنا‭ ‬ما‭ ‬زلنا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تأكيد،‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬استفحل‭ ‬خطر‭ ‬إيران‭ ‬وعملائها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬امن‭ ‬واستقرار‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

كما‭ ‬نعلم‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الخطر‭ ‬الإيراني‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭. ‬نحن‭ ‬نواجه‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬جدا‭ ‬والجدل‭ ‬حوله‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬يوما‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الرسمي‭ ‬العربي‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬الرسمي‭.‬

لكن‭ ‬العدوان‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬الإمارات‭ ‬جاء‭ ‬ليؤكد‭ ‬عبث‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬نوايا‭ ‬إيران‭ ‬العدوانية‭ ‬ومخططاتها‭ ‬التوسعية،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات‭ ‬أو‭ ‬محادثات‭ ‬تجري‭ ‬مع‭ ‬الإيرانيين‭. ‬لنلاحظ‭ ‬أن‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬الإمارات‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬زيارة‭ ‬مسئول‭ ‬كبير‭ ‬لطهران‭ ‬وإجراء‭ ‬محادثات‭ ‬مع‭ ‬الإيرانيين‭.‬

بعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬العدوان‭ ‬جاء‭ ‬ليؤكد‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬الإيراني‭ ‬هو‭ ‬خطر‭ ‬استراتيجي‭ ‬دائم‭ ‬لأن‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬جانبها‭ ‬لا‭ ‬تعتزم‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬مشروعها‭ ‬ومخططاتها‭ ‬ونواياها‭ ‬العدوانية‭ ‬تجاه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

ولهذا‭ ‬يعيد‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬الإمارات‭ ‬طرح‭ ‬السؤال‭ ‬المطروح‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭: ‬ماذا‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬ولحماية‭ ‬أمنها‭ ‬واستقرارها‭ ‬وكيان‭ ‬الدولة‭ ‬ومؤسساتها؟‭.‬

بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬اليمن‭ ‬الأمر‭ ‬ببساطة‭ ‬هو‭ ‬كما‭ ‬كتبت‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬عن‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بالحوثيين‭ ‬وتحرير‭ ‬اليمن‭.‬

ونفس‭ ‬الكلام‭ ‬نقوله‭ ‬باستمرار‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تعيث‭ ‬فيها‭ ‬إيران‭ ‬وعملاؤها‭ ‬تخريبا‭ ‬وتدميرا‭ ‬وخصوصا‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان،‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬القوى‭ ‬والجماعات‭ ‬والمليشيات‭ ‬العميلة‭ ‬لإيران‭ ‬وتصفية‭ ‬هذه‭ ‬الدويلات‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬أمل‭ ‬لاستعادة‭ ‬الدولة‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬إصلاح‭ ‬أو‭ ‬تقدم‭.‬

المسألة‭ ‬الجوهرية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬هي‭ ‬انه‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬أو‭ ‬لبنان‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬آخر،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬العميلة‭ ‬والقضاء‭ ‬عليها‭ ‬وإنهاء‭ ‬خطرها‭ ‬الطائفي‭ ‬التدميري‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مواجهة‭ ‬خطر‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬أولا‭ ‬وردعه‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي‭. ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬والجماعات‭ ‬العميلة‭ ‬مجرد‭ ‬أدوات‭ ‬متقدمة‭ ‬للنظام‭ ‬تنفذ‭ ‬ما‭ ‬يأمرها‭ ‬به‭.‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬المهمة‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.. ‬مهمة‭ ‬مواجهة‭ ‬الخطر‭ ‬الإيراني‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬له‭ ‬وردع‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭.‬

مع‭ ‬أن‭ ‬الكل‭ ‬يعلم‭ ‬جيدا‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬التي‭ ‬ذكرتها،‭ ‬فقد‭ ‬لاحظنا‭ ‬للأسف‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬يتوهم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فرصة‭ ‬متاحة‭ ‬للاتفاق‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬وإنهاء‭ ‬المشاكل‭ ‬معها‭ ‬ويفترض‭ ‬حسن‭ ‬نية‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬له‭ ‬لدى‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬جسامة‭ ‬خطر‭ ‬إيران‭ ‬وعملائها،‭ ‬فإننا‭ ‬للأسف‭ ‬لا‭ ‬نجد‭ ‬اتفاقا‭ ‬عربيا‭ ‬عاما‭ ‬حول‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬ومن‭ ‬طبيعة‭ ‬خطره‭ ‬ومن‭ ‬الأهمية‭ ‬الحاسمة‭ ‬لمواجهته‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬اجتياح‭ ‬عواصم‭ ‬عربية‭ ‬بعملائه‭ ‬ويمارس‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتدمير‭ ‬ليس‭ ‬بسب‭ ‬قوته‭ ‬وإنما‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬العرب‭.. ‬بسبب‭ ‬تشرذمهم‭ ‬وتفرق‭ ‬مواقفهم‭ ‬وسياساتهم‭ ‬وعدم‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬توحيد‭ ‬الجهود‭ ‬وحشدها‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬أمننا‭ ‬وعن‭ ‬دولنا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬الداهم‭.‬

حين‭ ‬نتأمل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬نجده‭ ‬شاذا‭ ‬وغريبا‭ ‬ويمثل‭ ‬وصمة‭ ‬عار‭ ‬على‭ ‬جبين‭ ‬العرب‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭.‬

من‭ ‬يكون‭ ‬هؤلاء‭ ‬الحوثيون‭ ‬أو‭ ‬المليشيات‭ ‬العميلة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬والعراق‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬كي‭ ‬يكون‭ ‬بمقدورهم‭ ‬تهديد‭ ‬دولنا‭ ‬ومجتمعاتنا‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭. ‬هم‭ ‬مجرد‭ ‬قوى‭ ‬وجماعات‭ ‬عميلة‭ ‬خائنة‭ ‬لأوطانها؟

والنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬نفسه‭ ‬نظام‭ ‬طائفي‭ ‬إرهابي‭ ‬ما‭ ‬يمتلكه‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬قوة‭ ‬لا‭ ‬يساوي‭ ‬واحدا‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬مما‭ ‬تمتلكه‭ ‬الدول‭ ‬العربية؟

عار‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬له‭.‬

هل‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬بكل‭ ‬قدراتها‭ ‬وإمكانياتها‭ ‬البشرية‭ ‬والمادية‭ ‬والحضارية‭ ‬عاجزة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬ومستكينة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد؟

حين‭ ‬يسجل‭ ‬التاريخ‭ ‬هذه‭ ‬الحقبة‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬سيقول‭ ‬أن‭ ‬دولا‭ ‬عربية‭ ‬ضاعت‭ ‬وتدمرت‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬قوة‭ ‬أعداء‭ ‬الأمة‭ ‬وإنما‭ ‬بسبب‭ ‬أبناء‭ ‬الأمة‭ ‬أنفسهم‭ ‬وخذلانهم‭ ‬لها‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى