رأي في الحدث

أحمد الجارالله : طبِّعوا وليتدبَّر الشتّامون أمر أنفسهم

لماذا نحن بالذات الذين يشتمنا الفلسطينيون؟ فإذا فرحوا كالوا السباب إلى زعماء وشعوب دول الخليج، وإذا غضبوا أخرجوا كل ما في معاجم اللغة من نعوت وألصقوها بنا، فيما نحن، من كل الخليج، نتعالى على كل هذه الشتائم ونغدق عليهم بالمساعدات، إضافة إلى أننا شاركنا في كل الحروب العربية دفاعاً عن الحق الفلسطيني في تقرير المصير، وإقامة الدولة المستقلة على حدود عام 1967.
وحدنا كنا المنقذ لهم في العام 1970 حين شنوا حربهم على الأردن، وأخرج المغفور له الشيخ سعد العبدالله قائدهم ياسر عرفات من عمّان، ودول الخليج العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية، قطعت النفط عن الغرب في حرب 1973، وقدمت الرياض مبادرتين لحل القضية، ورغم الموقف المؤيد لصدام حسين بغزوه الكويت، بل ومشاركة المنظمات الفلسطينية في عمليات الترويع والتنكيل والقتل ضد المواطنين الكويتيين، استمر الدعم الكويتي والخليجي لمنظمة التحرير والفلسطينيين.
أيدوا عبدالناصر ضدنا، ووقفوا مع القذافي حين أطلق كل ما في جعبته على زعماء الخليج، بل وصل الإسفاف بهم إلى حدّ أن يكتبوا أسماء الملوك والأمراء الخليجيين على الدواب ويسيروا بها في طليعة تظاهراتهم.
كل هذا غيض من فيض مما قدمته دول وشعوب الخليج للفلسطينيين الذين كانوا وما زالوا يردون الجميل بالسيئات، فهم وقفوا مع المعتدي الحوثي الايراني ضد السعودية والخليج، وشتموا ولعنوا زعماء وحكومات دول “مجلس التعاون” لأنهم لم يُعزَوا بمقتل رأس الأفعى الإرهابية قاسم سليماني، أولم ينعت محمود الزهار شعوبنا بالمثلية لهذا السبب، ويشن عليها إسماعيل هنية هجوماً استخدم فيه كل الكلام السوقي ضدنا في تأبينه؟ فهل بضعة آلاف من الدولارات، وحفنة صواريخ إيرانية أوقدت فيهم نار الغضب ضدنا، ألهذه الدرجة سعرهم بخس؟
لم ينل الاسرائيليون من الشتائم والسباب، وهم المحتلون، ما نالته شعوب الخليج ودولها من الفلسطينيين كافة، وجماعتي “حماس” و”الجهاد” الغزويتين خصوصاً، التي هتف أنصارهما بالموت لقادة دول الخليج العربية وآل سعود في تظاهراتهم الأخيرة إحياءً لذكرى مجرم الحرب سليماني.
لذا نسأل: إلى متى ستبقى شعوبنا ودولها تُشتم وتُسبّ ممن يبيعون أنفسهم لكل ناعق، وهل لا تزال فلسطين قضيتنا التي نتحمل في سبيلها كل هذا الأذى الذي يسببه لنا الفلسطينيون؟
ألم تصبح هذه القضية بعد إعلان السلطة الوطنية، والاتفاقات التي لا تنتهي بين تل أبيب ورام الله وغزة، والتبادل التجاري النشط، مسألة داخلية بين طرفين، فما هي فائدة دول “مجلس التعاون” من الانغماس في هذا الصراع الثنائي؟
سبعون عاماً ونحن وحدنا نتحمل كل هذا النكران، لذا آن الأوان لوضع حدّ لهؤلاء، يبدأ بقطع الدعم عنهم، ولا ينتهي عند عدم التوسط كلما رمى أحدهم صاروخا على إسرائيل، وليعمروا وحدهم ما تسببوا هم بتدميره، فالكيل طفح، ولقد انقصم ظهر البعير من حملنا للهمّ الفلسطيني الذي يقابلنا أهله بالجحود، بل بتشجيع الإرهاب ضدنا، وينادون بقتلنا، ويرفعون شعاراتهم من أن طريق التحرير يمر في الكويت وأبوظبي والمنامة والرياض والدوحة، فيما هم يمعنون بتضييع البوصلة.
على دول الخليج كلها أن تطبّع مع إسرائيل، فالسلام مع هذه الدولة الأكثر تقدماً هو العمل الصحيح، ولندع هؤلاء الأغبياء يتدبرون أمرهم بأنفسهم، لا أنار الله لهم طريقاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى