أحمد الجارالله : الملك الرشيد محمد السادس … بيَّض الله وجهك
100 ساعة من الأمل والألم عاشها العالم لحظة بلحظة في قصة إنسانية تروي عظمة شعب صنع المستحيل من أجل إنقاذ طفل عمره خمس سنوات سقط في بئر عميقة.
صحيح أن ريان لبّى نداء ربه، لكنه صنع واحدة من أروع ملاحم التضامن التي أبهرت شعوب العالم، وشكَّلت الاهتمام الأول للملك الإنساني محمد السادس، الأب الروحي لجميع المغاربة، وملك الفقراء، الذي استنفر منذ اللحظات الأولى كل أجهزة الدولة في سبيل إخراج ريان من البئر.
ملك بمواصفات إنسانية استثنائية.. كان المغاربة يعلمون أنه وراء جميع المبادرات والتدخلات والعمليات التقنية والفنية الدقيقة التي أنجزت في مكان الحادث، وقد لاحظ الجميع كيف شقت السواعد المغربية جبلاً ونقلته من مكانه للوصول إلى الطفل القابع في الأعماق.
لا رادَّ لقضاء الله وقدره، خيره وشره، يتقبله الإنسان بإيمان مطلق، غير أن تلك اللحظات التي حبس فيها هذا الطفل معه العالم في ظلمة الجُبّ كانت شعلة الأمل تنير النفوس الداعية له بالنجاة وأن يخرج إلى النور على قيد الحياة، ليعود إلى كنف والديه راوياً ظمأهم إلى احتضانه ليكون ريان اسماً على مسمى، فيما كانت عيون العالم العربي كله تشخص إلى عاهل سطر درساً كيف يكون القادة والملوك مع شعوبهم التي تبادلهم الوفاء، فهذا هو الملك الإنسان الذي نذر نفسه لشعبه، ففي لحظة تخيلنا أن ريان ابن محمد السادس، الذي عبر في بيان النعي عن أسمى آيات الحميمية بينه وبين شعبه.
المتابع لردود الفعل على هذه القضية، شعر للوهلة الأولى أن والدي الطفل هما من يعزيان العاهل المغربي، فريان تحول في لحظة من اللحظات ليس ابنَ والديه فقط، بل ابن المغرب الذي وقف كله يبتهل إلى المولى عز وجل أن يخرجه من وحشة ظلمة الوحدة والألم إلى النور.
إنها علاقة ألف سنة من المحبة المتبادلة بين ملوك كانوا طوال قرون إلى جانب شعبهم، صنعوا معاً الاستقرار والأمن والأمان، وهو عهد رسخه ملك يسعى ليل نهار لخدمة مواطنيه، فيما ذكرتنا هذه الحادثة بالمسيرة الخضراء التي صنع فيها المغاربة تحدياً آخر حين زحفوا بقيادة المغفور له الملك الحسن الثاني لتحرير أرضهم من الاستعمار الإسباني، وكان لهم ما أرادوا، فيما لم تكن تلك المسيرة إلا بداية نهضة لا تزال المغرب تتقدم بها على كل الأصعدة.
بيض الله وجهك أيها الملك الرحيم الرشيد، وإلى جنات الخلد يا ريان الذي حملت معك الطهر والبراءة، وجمعت العالم حول بلدك بعد أن تركت خلفك نموذجاً حياً لثقافة المغرب التي عرفها العالم خلال 100 ساعة تابع فيها ملحمة إنسانية كبيرة، بل تركت خلفك أمثولة تُحتذى للعلاقة بين ملك رشيد اسمه محمد السادس وشعب يفتخر بقائده الذي يبادله المودة بالوفاء