رأي في الحدث

عبدالمنعم ابراهيم :أوهام ساذجة بتصدي أمريكا للهجمات الإيرانية ضد دول المنطقة

من‭ ‬يعتقدُ‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬سوف‭ ‬تتصدى‭ ‬للهجماتِ‭ ‬الصاروخيَّةِ‭ ‬الإيرانيَّةِ‭ ‬عبرَ‭ ‬أذرعها‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬والعراق‭ ‬ضد‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬وبقية‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬فهو‭ ‬واهمٌ،‭ ‬لأن‭ (‬واشنطن‭) ‬منشغلةٌ‭ ‬حالياً‭ ‬بملفين‭ ‬ساخنين،‭ ‬الأول‭ ‬رغبتُها‭ ‬الملحة‭ ‬في‭ ‬إنجازِ‭ ‬اتفاقٍ‭ ‬نووي‭ ‬جديد‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬مباحثات‭ (‬فيينا‭)‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬تريدُ‭ ‬إغضابَ‭ (‬طهران‭) ‬أثناء‭ ‬المفاوضاتِ‭ ‬بالتصدي‭ ‬لأذرعها‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والثاني‭ ‬أن‭ (‬واشنطن‭) ‬منشغلةٌ‭ ‬دبلوماسيًّا‭ ‬وعسكريًّا‭ ‬بحشدِ‭ ‬قواتها‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية‭ ‬استعداداً‭ ‬لاندلاع‭ ‬حربٍ‭ ‬روسيةأوكرانية‭ ‬محتملة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭ ‬بحسب‭ ‬توقعاتها‭ ‬الاستخباراتية‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬أمريكا‭ ‬أثناء‭ ‬السلامِ‭ ‬والاستقرارِ‭ ‬النسبي‭ ‬في‭ ‬المنطقةِ‭ ‬الخليجية‭ ‬لم‭ ‬تفعل‭ ‬شيئا‭ ‬يُذكرُ‭ ‬لوقفِ‭ ‬هجماتِ‭ ‬الانقلابيين‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬ضد‭ ‬السعودية‭ ‬سنوات،‭ ‬فهل‭ ‬تتوقعون‭ ‬أن‭ ‬تفعلَ‭ ‬شيئا‭ ‬مختلفًا‭ ‬لوقفِ‭ ‬هجمات‭ ‬الحوثيين‭ ‬الجديدة‭ ‬ضد‭ ‬الإمارات؟‭!‬

وللأسف‭ (‬واشنطن‭) ‬خذلت‭ ‬حلفاءها‭ ‬ومن‭ ‬تعتبرهم‭ (‬دولا‭ ‬صديقة‭) ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.. ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بعدم‭ ‬تصديها‭ ‬للهجمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الحوثية‭ ‬ضد‭ ‬أهداف‭ ‬مدنية‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات،‭ ‬ولكن‭ (‬واشنطن‭) ‬تعطي‭ ‬إشارات‭ ‬مغلوطة‭ ‬أشبه‭ ‬بالضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬بأن‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬أذرعها‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬والعراق‭ ‬ضد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭!‬

وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬سقف‭ ‬المطالب‭ ‬الأمريكية‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬بنود‭ ‬مباحثات‭ ‬فيينا‭ ‬النووية‭ ‬تم‭ ‬التراجع‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ (‬واشنطن‭) ‬استرضاء‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭! ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الشروط‭ ‬الأمريكية‭ ‬السابقة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمناقشة‭ ‬وقف‭ ‬أنشطة‭ ‬إيران‭ ‬المزعزعة‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬ودعمها‭ ‬للمليشيات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬والعراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مطروحة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ (‬فيينا‭)! ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إسقاط‭ (‬واشنطن‭) ‬لشرط‭ ‬مناقشة‭ (‬الحد‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬صواريخها‭ ‬الباليستية‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬شرط‭ ‬كانت‭ ‬تتمسك‭ ‬به‭ ‬إسرائيل‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬إيران‭ ‬الصاروخية،‭ ‬ومؤخراً‭ ‬أعلنت‭ ‬إيران‭ ‬تجربة‭ ‬صاروخية‭ ‬جديدة‭ ‬يبلغ‭ ‬مداها‭ ‬1400‭ ‬كيلومتر،‭ ‬وقالت‭ ‬إنها‭ ‬تملك‭ ‬صواريخ‭ ‬يبلغ‭ ‬مداها‭ ‬2000‭ ‬كيلومتر‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬والقواعد‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭!‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬تراجعت‭ ‬واشنطن‭ ‬عن‭ ‬شرط‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬مباحثات‭ (‬فيينا‭) ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬تمسكت‭ ‬به،‭ ‬وهو‭ ‬إشراك‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وتحديداً‭ (‬السعودية‭ ‬والإمارات‭) ‬في‭ ‬مباحثات‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ (‬فيينا‭)‬،‭ ‬فلم‭ ‬تعد‭ (‬واشنطن‭) ‬متمسكة‭ ‬بهذا‭ ‬الشرط‭ ‬أمام‭ ‬إيران‭!‬

كل‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ (‬جو‭ ‬بايدن‭) ‬حالياً‭ ‬هو‭ (‬الفوز‭ ‬الصوري‭) ‬بتحقيق‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬يستخدمه‭ ‬كورقة‭ ‬رابحة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الفرعية‭ ‬القادمة‭ ‬لصالح‭ ‬مرشحي‭ (‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭) ‬في‭ ‬أمريكا‭!‬

إذن‭ ‬يجب‭ ‬عدم‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬موقف‭ ‬أمريكي‭ ‬صارم‭ ‬أو‭ ‬فعل‭ ‬عسكري‭ ‬يوقف‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬إيران‭ ‬لأذرعها‭ ‬الإرهابية‭ ‬ضد‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬وبقية‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬مراقبين‭ ‬اعتبروا‭ ‬زيارة‭ ‬الجنرال‭ (‬فرانك‭ ‬ماكينزي‭) ‬قائد‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬ومصر،‭ ‬وإدلائه‭ ‬بتصريحات‭ ‬متناقضة‭ ‬حول‭ ‬الهجمات‭ ‬الحوثية‭ ‬ضد‭ ‬الإمارات‭ ‬والسعودية،‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ (‬بالطائشة‭) ‬وليس‭ (‬الإرهابية‭)! ‬وإيحائه‭ ‬بوجود‭ ‬ثغرات‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬الدفاعية‭ ‬التي‭ ‬تعتمدها‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التصدي‭ ‬للهجمات‭ ‬الحوثية،‭ ‬ما‭ ‬اعتبره‭ ‬مراقبون‭ ‬تبرعا‭ ‬مجانيا‭ ‬لإيران‭ ‬بمعطيات‭ ‬حساسة‭ ‬تشجعها‭ ‬على‭ ‬التمادي‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬استهداف‭ ‬أمن‭ ‬الخليج‭!‬

هذه‭ ‬الزيارة‭ (‬لماكينزي‭) ‬والتصريحات‭ ‬الصحفية‭ ‬تعبر‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬حماس‭ ‬أمريكا‭ ‬للتصدي‭ ‬لإيران‭ ‬ودورها‭ ‬المزعزع‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭  ‬في‭ ‬الخليج‭.. ‬لذلك‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬التحالف‭ ‬العربي‭ ‬بقيادة‭ ‬السعودية‭ ‬لدعم‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬أن‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬قدراتها‭ ‬العسكرية‭ ‬والاستخباراتية‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬للهجمات‭ ‬الصاروخية‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬الحوثية‭ ‬والإيرانية،‭ ‬واستهداف‭ ‬العمق‭ ‬الحوثي‭ ‬ومراكز‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬اليمنية‭. ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬صنعاء‭ ‬والحديدة‭ ‬وصعدة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬أبداً‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬منطقة‭ ‬أخرى‭ ‬ملتهبة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أمريكا‭ ‬خذلت‭ ‬حليفتها‭ (‬إسرائيل‭) ‬فكيف‭ ‬الحال‭ ‬بالعرب؟‭!‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى