عبدالمنعم ابراهيم : الغرب خسر منظومة القيم الأخلاقية في حرب أوكرانيا
الحرب الإعلامية هي امتداد للحرب العسكرية، وقد شهدنا ذلك بوضوح حين تنكر الغرب لمبادئ حرية التعبير والإعلام التي كان يرفعها ضد حكومات الدول الأخرى، وقام بإغلاق محطات فضائية ووسائل إعلام روسية تنطق بلغات أوروبية متعددة، مثل قناة (آر.تي) و(سبوتنيك) بحجة عدم إعطاء روسيا فرصة لتبرير حربها في أوكرانيا!
وفعلاً تم اغلاق كل المحطات الروسية من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا ودول أوروبية كثيرة.. وهذا الموقف الغربي يتعارض مع المبادئ التي يرفعها دائمًا ضد حكومات الدول الأخرى التي تطالبها بحرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة والإعلام!
هذا جانب واحد كشفت عنه هستيريا الغرب خلال حرب أوكرانيا، أما الجانب الآخر الذي لا يقل عنه بشاعة فهو وقوع الغرب والحكومات الأوروبية الموالية لأوكرانيا ضد روسيا في (التفرقة العنصرية) ضد المهاجرين اللاجئين الهاربين من ويلات الحرب في أوكرانيا باتجاه الحدود الأوروبية، وأكثر هذه الدول المنعوتة بالعنصرية ضد الأجانب هي (بولندا)، ومنذ يومين أجرت قناة هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) مقابلة مع لاجئ سوري كان يدرس الطب في أوكرانيا قبل الحرب، وشرح للإذاعة البريطانية كيف تعرض هو وشقيقه للضرب على أيدي الجنود ورجال الشرطة على الحدود البولندية، وتم زجرهم وإبقاؤهم أياما بلا طعام أو ماء في أماكن احتجاز مكشوفة في العراء تحت درجة حرارة دون الصفر المئوي وتحت الصقيع البارد، وكانوا يرفضون خروجهم إلى داخل بولندا أو إلحاقهم بدول أوروبية أخرى! وكانت سلطات الحدود البولندية تقسم اللاجئين الأجانب بشكل عنصري، فكانت تضع الأفارقة والهنود في (أحواش)، وتضع العرب ومن لهم ملامح شرقية في (أحواش) أخرى، بينما توفر الخدمات الغذائية والطبية وخدمات المواصلات للاجئين الأوكرانيين فقط!
يوم الخميس الماضي نشرت الزميلة (الشرق الأوسط) مقالة للكاتب (فيتالي نعومكين) تحدث فيها عن انتشار ظاهرة سيكولوجية في الغرب أسماها (روسوفوبيا) على طريقة (إسلاموفوبيا) في الغرب وقال: (لا أفهم بما يسترشد السياسيون الغربيون عندما يتخذون إجراءات تعقيدية ضد جميع الروس من دون استثناء؟! فإذا كانوا يعولون على إثارة احتجاج مدني واسع النطاق في روسيا فإن هذه الإجراءات تؤدي إلى نتائج عكس ذلك تمامًا.. لم ألتق حتى الآن مواطنًا روسياً يرى معنى لحظر موسيقى الملحنين الروس الذي تمليه حملة (الروسوفوبيا) الشعواء، بما في ذلك حظر ألحان الموسيقار العبقري العالمي (تشايكوفسكي)، أو منع الفنانين الموسيقيين الروس المشهورين عالميًا من تقديم حفلاتهم عبر مطالبتهم بالتخلي عن آرائهم وإدانة وطنهم الأم.. يأتي هذا تمامًا كما كان في أيام محاكم التفتيش الكاثوليكية في العصور الوسطى، التي طالبت الزنادقة المفترضين بالتخلي عن فكرة ان الأرض تدور حول الشمس!.. فضلا عن الإقصاء المخزي وغير الإنساني للرياضيين الروس من منافسات الألعاب البارالمبية.. هل يعتقد أحد حقا أنه بعد ذلك سينزل المواطنون إلى شوارع المدن الروسية مطالبين بتغيير السلطة)؟!
الحرب في أوكرانيا كشفت زيف شعارات الغرب حول (حقوق الإنسان) و(حرية التعبير) و(حرية الصحافة والإعلام)، وشاهدنا إلى أي حد انزلقت بعض الحكومات الغربية في بشاعة (التفرقة العنصرية) للاجئين الأفارقة والعرب والهنود والأجانب، بل إن بعض هؤلاء اللاجئين الأجانب عرض عليهم شرطة وجنود أوكرانيون المشاركة معهم في المعارك ضد الجيش الروسي! أي تجنيدهم كمرتزقة!
ويضاف إلى ذلك رفض أمريكا والغرب عمومًا الاعتراف بوجود مختبرات بيولوجية خطرة (أمريكية-أوكرانية) في المدن التي سيطرت عليها القوات الروسية، وكيف كانت هذه المختبرات البيولوجية تعمل على تطوير أسلحة جرثومية من خلال الطيور والزواحف والخفافيش لنشر الأمراض الفتاكة بالبشر، التي من غير المستبعد ان يكون انتشار فيروس كورونا (جائحة كوفيد-19) على مستوى العالم قد خرج من تلك المختبرات التي كان يرعاها البنتاجون الأمريكي في مدن أوكرانية وفي جورجيا ودول أوروبية شرقية!
وهذا كله يقودنا إلى نتيجة حتمية واحدة.. هي: سواء كسبت أو خسرت (روسيا) الحرب في أوكرانيا فإنه مما لا شك فيه أن (الغرب) خسر منظومة القيم الأخلاقية التي كان يرفعها ضد حكومات وشعوب الدول الأخرى في العالم.. لأن كل القرارات التي كانوا يطالبوننا بتنفيذها في أوطاننا لم ينفذوها هم في أوطانهم أثناء حرب أوكرانيا!