محمد يوسف : فشل اصطناعي
اخترع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، نظاماً جديداً لإدارة البيت الأبيض، ووضع قواعد لم تكن معروفة من قبل في كيفية التعامل مع الآخرين.
وفي مقدمهم الأصدقاء الذين تحالفت بلاده معهم، من خلال اتفاقيات موقعة، تتضمن التزامات وحقوقاً وواجبات، دخل المكتب البيضاوي، وهو يحمل حقيبة مملوءة بالملفات، وبدأ يصنف العالم، مستنداً على حقبة «دونالد ترامب»، والتي لم تزد على أربع سنوات.
وقرر أن يخاصم، وأن يعاقب، وأن يهدد ويتوعد، مرة بتجويع بلد بحجم روسيا وقوتها، ومرة بنبذ دول، واعتبارها غير موجودة، وحدد من يستحقون أن يتحدث معهم هاتفياً، ومن لا يستحقون، ومنح الأولوية لدول تعيش على الهامش، وتجنب دولاً ذات تأثير، وقد تقلب الموازين إذا غضبت، وتمادى كثيراً، هو والأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب، ولم يتوقف عندما وجد نفسه محشوراً في زاوية ضيقة.
وصورة العالم اليوم، تعكس السنة الأولى لحكم جو بايدن، حرب في وسط أوروبا، قد تشعل حرباً كونية في أية لحظة، وبلد يتفتت بفعل نيران الأسلحة الفتاكة، التي دخلته من كل اتجاه، وحوالي ثلاثة ملايين لاجئ، وردة فعل يمكن أن يقال إنها لا ترقى إلى مستوى الحدث، منه في البداية، ومن ثم من الأوروبيين، أو لنقل من كل الذين حرضوا رئيس أوكرانيا، وفرشوا له الأرض بالزهور والسجاد الأحمر.
العالم انقسم إلى معسكرين، وعادت الحرب الباردة، بعد ثلاثة عقود من نهايتها، فأغلب الذين فتحت ملفاتهم في مكتب بايدن، ووضعت تحت أسمائهم «خطوط حمراء»، مالوا إلى «بوتين»، أو على الأقل تركوا علاقاتهم مع روسيا، كما كانت قبل أزمة أوكرانيا، ولم تعد أبوابهم مشرعة للأمريكان، وعند البعض، أصبحت زيارات المسؤولين من أعوان بايدن غير مرحب بها، فهؤلاء هم الذين «تطاول» عليهم، ووضعهم في «خانة التجاهل»، وهذه الأمور قد توقظ إدارة البيت الأبيض، وتذكرها بأن الصديق لا يهدد ولا يعاقب، ولا يلوّح له بعقوبات، أو سحب قوات، أو إخراج من دوائر الحماية ضد الأخطار، والصديق أيضاً، لا يطلب منه القبول بالجار الجائر!
نموذج إدارة بايدن، يمكن أن نعتبره «فشلاً اصطناعياً»، ولكنه ليس اختراعاً سياسياً!