محمد يوسف : الرقم الصعب
من جعل العلاقات مع الأصدقاء خاضعة لاعتبارات مزاجية، يغلب عليها الطابع الانتقائي، عليه أن يتحمل نتائج أفعاله.
أقول ذلك الكلام، لإدارة جو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، بعد 14 شهراً من الجلوس في البيت الأبيض، وهي فترة كانت كافية لتظهر مدى فشل هذه الإدارة، برئيسها ووزير خارجيتها، وكل أجهزتها الأخرى، خاصة وزارة الدفاع، ووكالة المخابرات المركزية، فهؤلاء جميعاً عكسوا صورة سلبية في أسلوب التعامل مع الأصدقاء قبل الأعداء، وللحق أقول لكم، إننا لم نرَ ولم نسمع عن شخص «ينبذ» المقربين منه، ويضعهم في «خانة» لا هي بيضاء ولا هي سوداء، بل رمادية، تحير من كانوا يعتمدون على الدولة العظمى، ويثقون بها، وتدخل الشك إلى نفوسهم، وما حدث في منطقتنا، دليل قاطع على سوء التصرف، بخلاف «الهروب الكبير» من أفغانستان، والكارثة التي حدثت بعده.
لم يكن هناك أي مبرر لأن يتخذ بايدن وإدارته، أسلوب التعامل بعنجهية مع دول المنطقة، وفي مقدمها دولة الإمارات والسعودية، وأن يتفاخر من يتحدثون باسم البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون، بالحديث عنا، وكأننا نعيش على الهامش، حيث حددوا الشخصيات التي يمكن أن يهاتفها الرئيس، ثم قرروا أن كل مسؤول أمريكي سيتحدث مع من هم في مستواه، وعطلوا صفقات الأسلحة المطلوبة، وعندما مرروا بعضاً منها، كانت للأسلحة الدفاعية، وسحبوا الدفاعات الجوية الموجودة بناء على اتفاقات لها سنوات، وتكررت المواقف الأحادية، دون مراعاة للعلاقات القوية التي بلغت مرحلة التحالف الاستراتيجي.
اكتشف بايدن وبلينكن، أننا رقم صعب، بل هو رقم قد يزن الكفة التي يكون فيها، وكان ذلك، بعد اشتداد أزمة أوكرانيا، وتبين لهما، ولمن معهما، بأن الثقل الدولي يتوزع بين الدول، وأن أهم دولتين قادرتين على قلب الموازين في قضية البترول، وسد النقص، هما الإمارات والسعودية، وفتحت خطوط الهواتف المغلقة، وأرسلت طلبات الزيارة، واكتشفوا أن ما كسرته أيديهم، يحتاج إلى ترميم، فبحثوا عن وساطات، وهم الأصدقاء!