رأي في الحدث

السيـد زهــره : اسألوا أمريكا عن الإرهاب الحوثي

في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬شهدنا‭ ‬تصعيدا‭ ‬خطيرا‭ ‬في‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الحوثية‭ ‬على‭ ‬السعودية‭. ‬واستهدفت‭ ‬هذه‭ ‬الاعتداءات‭ ‬بالذات‭ ‬منشآت‭ ‬نفطية‭ ‬سعودية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الحوثية‭ ‬ليست‭ ‬أمرا‭ ‬جديدا‭ ‬فإن‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الأخيرة‭ ‬جاءت‭ ‬ملفتة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬كثافتها‭ ‬وتركيزها‭ ‬على‭ ‬المنشآت‭ ‬النفطية‭.. ‬ماذا‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬التصعيد‭ ‬بالضبط؟

‭ ‬نقول‭ ‬مباشرة‭ ‬ان‭ ‬أمريكا‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬أساسية‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التصعيد؟

في‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية،‭ ‬اعتبر‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬ان‭ ‬أمريكا‭ ‬تقف‭ ‬مباشرة‭ ‬وراء‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الحوثية‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬منشآت‭ ‬النفط‭ ‬السعودية‭. ‬بمعنى‭ ‬انها‭ ‬أعطت‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬للحوثيين‭ ‬لشن‭ ‬هذه‭ ‬الاعتداءات‭.‬

‭ ‬المحللون‭ ‬ربطوا‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الاعتداءات‭ ‬وتطورين‭ ‬مهمين‭ ‬تشهدهما‭ ‬المنطقة‭:‬

الأول‭: ‬الرفض‭ ‬السعودي‭ ‬الاماراتي‭ ‬الحازم‭ ‬لمطالب‭ ‬أمريكا‭ ‬بزيادة‭ ‬انتاج‭ ‬النفط‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬تداعيات‭ ‬أزمة‭ ‬أوكرانيا‭.‬

والثاني‭: ‬قرب‭ ‬التوصل‭ ‬الى‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬مع‭ ‬ايران‭ ‬والذي‭ ‬ستترتب‭ ‬عليه‭ ‬أوضاع‭ ‬جديدة‭ ‬خطيرة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

على‭ ‬ضوء‭ ‬هذين‭ ‬التطورين‭ ‬يعتبر‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬ان‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الحوثية‭ ‬الأخيرة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬بمثابة‭ ‬أداة‭ ‬ترهيب‭ ‬وضغط‭ ‬أمريكية‭ ‬على‭ ‬السعودية‭ ‬كي‭ ‬تقبل‭ ‬بمطالبها‭ ‬وترضخ‭ ‬للواقع‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

بالمناسبة‭ ‬ليس‭ ‬سرا‭ ‬ان‭ ‬أمريكا‭ ‬لها‭ ‬تواصل‭ ‬دائم‭ ‬مع‭ ‬الحوثيين‭. ‬وقبل‭ ‬سنوات‭ ‬اعترف‭ ‬مسؤولون‭ ‬امريكيون‭ ‬ان‭ ‬أجهزة‭ ‬المخابرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬تقيم‭ ‬علاقات‭ ‬تواصل‭ ‬دائم‭ ‬مع‭ ‬الحوثيين‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يستولوا‭ ‬على‭ ‬صنعاء‭ ‬واعتبر‭ ‬محللون‭ ‬امريكيون‭ ‬انه‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬للحوثيين‭ ‬ان‭ ‬يستولوا‭ ‬على‭ ‬صنعاء‭ ‬أصلا‭ ‬الا‭ ‬بموافقة‭ ‬أمريكية‭. ‬وقد‭ ‬كتبت‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬تفصيلا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭.‬

عموما‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬استبعدنا‭ ‬احتمال‭ ‬وجود‭ ‬صلة‭ ‬مباشرة‭ ‬لأمريكا‭ ‬بالاعتداءات‭ ‬الأخيرة‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬أعطت‭ ‬ضوءا‭ ‬اخضر‭ ‬لها،‭ ‬يظل‭ ‬صحيحا‭ ‬انها‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬أساسية‭ ‬عنها‭.‬

المواقف‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬اليوم‭ ‬العامل‭ ‬الأكبر‭ ‬لتشجيع‭ ‬الحوثيين،‭ ‬ومن‭ ‬ورائهم‭ ‬ايران‭ ‬بالطبع،‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬اعتداءاتهم‭ ‬وتصعيد‭ ‬ارهابهم‭. ‬ولنا‭ ‬ان‭ ‬نتأمل‭ ‬المواقف‭ ‬التالية‭:‬

الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬رفضت‭ ‬رفضا‭ ‬قاطعا‭ ‬إعادة‭ ‬الحوثيين‭ ‬إلى‭ ‬قائمة‭ ‬الإرهاب‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جرائمهم‭ ‬واعتداءاتهم‭ ‬الارهابية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وضد‭ ‬السعودية‭ ‬والامارات‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬الأصوات‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬أمريكا‭ ‬نفسها‭ ‬مطالبة‭ ‬بهذه‭ ‬الخطوة‭.‬

هذا‭ ‬الرفض‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬رسالة‭ ‬امريكية‭ ‬واضحة‭ ‬للحوثيين‭ ‬مؤداها‭ ‬ان‭ ‬اعتداءاتهم‭ ‬الارهابية‭ ‬مقبولة‭ ‬ولا‭ ‬بأس‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬المضي‭ ‬بها‭ ‬قدما‭.‬

وهذا‭ ‬الرفض‭ ‬هو‭ ‬أيضا‭ ‬اشارة‭ ‬لإيران‭ ‬بالمضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬تسليح‭ ‬الحوثيين‭ ‬وتخطيط‭ ‬وتوجيه‭ ‬اعتداءاتهم‭.‬

في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬كان‭ ‬اعلان‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬ان‭ ‬الإدارة‭ ‬تبحث‭ ‬رفع‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الايراني‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬الإرهاب‭ ‬يحمل‭ ‬نفس‭ ‬الرسالة‭. ‬يحمل‭ ‬رسالة‭ ‬ان‭ ‬أمريكا‭ ‬لا‭ ‬تعارض‭ ‬ابدا‭ ‬ارهاب‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬والنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬وتتسامح‭ ‬معه،‭ ‬وتؤكد‭ ‬خضوعها‭ ‬للابتزاز‭ ‬الايراني‭ ‬والمطالب‭ ‬الإيرانية‭.‬

والاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الذي‭ ‬تتهافت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬التوقيع‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬أكبر‭ ‬تشجيع‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬عموما‭ ‬وسيمنح‭ ‬النظام‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬الكافية‭ ‬لذلك،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬شرط‭ ‬او‭ ‬قيد‭ ‬يتعلق‭ ‬بالدور‭ ‬الايراني‭ ‬الإرهابي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

باختصار‭ ‬المواقف‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬تخلق‭ ‬مناخا‭ ‬عاما‭ ‬مواتيا‭ ‬للإرهاب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬يشجع‭ ‬ايران‭ ‬وكل‭ ‬القوى‭ ‬والمليشيات‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬تصعيد‭ ‬عملياتها‭ ‬وانشطتها‭ ‬الإرهابية‭ ‬ضد‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

المواقف‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬إيذانا‭ ‬بمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التواطؤ‭ ‬الأمريكي‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الايراني‭ ‬ومع‭ ‬عملائه‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

لهذا‭ ‬لنا‭ ‬ان‭ ‬نتوقع‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬تصاعدا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬إرهاب‭ ‬ايران‭ ‬وعملائها‭ ‬كلهم‭ ‬وليس‭ ‬الحوثيين‭ ‬وحدهم‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬ترتب‭ ‬نفسها‭ ‬وتبني‭ ‬مواقفها‭ ‬وسياساتها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى