السيــد زهـــره: المسلمون في خطر
قبل أيام قرأت تقريرا عنوانه «المسلمون في فرنسا في خطر».
التقرير يرسم صورة قاتمة مرعبة عن أوضاع المسلمين الفرنسيين وما يتعرضون له من اعتداءات عنصرية وصور اضطهاد وتمييز عنصرية تصاعدت بشكل مخيف في الفترة الأخيرة.
بداية، ينقل التقرير عن وزيري الداخلية والشؤون الدينية الفرنسيين قولهما «إن الحوادث المعادية للمسلمين زادت بنسبة 38 في المائة في عام 2021، بينما ظلت الحوادث التي تستهدف اليهود والمسيحيين كما هي». ورغم هذا الارتفاع الكبير، فإن العدد الحقيقي لحوادث الإسلاموفوبيا في فرنسا أعلى من ذلك كثيرًا، فهذا الرقم لا يغطي سوى الحوادث التي تم الإبلاغ عنها للشرطة. وهو يتوافق مع الجرائم ومحاولات القتل والتهديدات وتدنيس أماكن العبادة والمقابر.. لكنه يستثني حوادث العنف الأخرى، مثل الإنترنت الذي يجتاح وسائل التواصل الاجتماعي والتمييز الذي يتعرض له بعض المسلمين، بما في ذلك من قبل الخدمات العامة.
بالإضافة إلى هذه الأرقام، يرصد التقرير عددا من الظواهر الخطيرة التي تفاقمت في فرنسا في الفترة الأخيرة هي على النحو التالي:
الظاهرة الأولى: تصاعد التحريض العلني الخطير ضد المسلمين من جانب الساسة ووسائل الإعلام المختلفة، وخصوصا من جانب قادة الأحزاب اليمينية مع قرب الانتخابات.
ماتيل بانو، رئيس حزب «لا فرانس إنسوميز» اليساري، كتب بهذا الخصوص: «المشاعر المعادية للمسلمين، مرارًا وتكرارًا، من نفس السياسيين، ونفس وسائل الإعلام». وفيليب بوتو، المرشح الرئاسي عن الحزب اليساري الجديد المناهض للرأسمالية تحدث بدوره عن تفاقم الإسلاموفوبيا داخل الحكومة وفي أجهزة الإعلام وتشجيع «الجماعات اليمينية المتطرفة على مهاجمة المسلمين». وأشار خصوصا إلى المرشح اليميني المتطرف زمور.
الظاهرة الثانية: ظهور جماعات وقوى جديدة شديدة العنصرية والتطرف تتبنى فكرة العمل على تسريع اندلاع حرب أهلية عنصرية يقولون إنها حتمية من أجل تطهير البلاد من المسلمين وإقامة دولة عرقية بيضاء.
من هذه الجماعات مثلا جماعة أطلقت قناة رقمية لليمين المتطرف على تطبيق «تيليجرام» تسمى «إلى الجحيم» تدعو إلى اتخاذ إجراءات عنيفة «لتسريع حرب عنصرية» لا مفر منها. أحد أعضاء هذه الجماعة قال في محكمة: إن «الدين الإسلامي لا يتوافق مع القيم الفرنسية»، وإن «المساجد ليس لها مكان في فرنسا».
ومن هذه الجماعات شبكة تطلق على نفسها «إعادة استعمار فرنسا». وقال المدعي العام في مرسيليا إن المجموعة تتكون من 110 أعضاء، بينهم جنود وجنود سابقون منتشرون في جميع أنحاء فرنسا، «تجمعوا وتناقشوا في أيديولوجية مدفوعة بالهوية والعنصرية والعنف». وتدعو هذه الجماعة أيضا إلى الاستعداد للحرب الأهلية العنصرية.
الظاهرة الثالثة: إن المسلمين الفرنسيين وصلوا تقريبا إلى مرحلة اليأس من قدرة الدولة أو استعدادها للدفاع عنهم في مواجهة هذه الاعتداءات العنصرية الرهيبة، بحيث لم يعودوا يجدون جدوى من تقديم شكاوى أصلا.
عبدالله زكري، رئيس «المرصد الوطني لمناهضة الإسلاموفوبيا رئيس «المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية» قال بهذا الخصوص: إن رؤساء دور العبادة يميلون إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات قانونية «معتقدين أن شكاواهم لن تذهب إلى أي مكان». وأضاف: «في عام 2021، تلقيت شخصيا 75 رسالة تحتوي على إهانات وتهديدات لعنوان منزلي»، لكنني لم أتقدم بشكوى لأنني أعلم أنه لا جدوى من ذلك. في معظم الأحيان، لا يتم القبض على الجناة وعندما يكونون كذلك، يقال لنا إنهم ليسوا سليمي العقل».
مسلمة فرنسية اسمها نادية ترتدي الحجاب الإسلامي تعاني من العنصرية والاستهداف العنصري قالت بدورها: «طلبت مؤخرًا توجيهات من سيدة مسنة، لم تعرض أي مساعدة سوى أن تخبرني أن أشخاصًا مثلي ليس لديهم مكان في فرنسا». وأضافت: «مع اقتراب الانتخابات، أصبح الكثير من الناس أكثر جرأة في التعبير عن رفضهم للمسلمين».
هذه -باختصار شديد- بعض ملامح الصورة القاتمة لما يعانيه المسلمون الفرنسيون، بحسب التقرير.
علينا أن نلاحظ أن هؤلاء المسلمين الذي يتعرضون لكل هذا الظلم والاضطهاد والتمييز العنصري هم مواطنون فرنسيون بالأساس.