عبدالمنعم ابراهيم :هناك «حرب استخبارات غربية» لا تقل ضراوة عن حرب أوكرانيا
هناك حرب أخرى لا تقل ضراوة عن المعارك العسكرية الدائرة حاليا بين القوات الروسية والقوات الأوكرانية، هي حرب (الاستخبارات السرية) التي يخوضها الغرب ضد روسيا، ودولا أخرى لا ترتهن للقرار الأمريكي – البريطاني – الأوروبي في (حرب أوكرانيا)، وهذه الحرب الاستخباراتية الغربية تعتمد على أدوات تنفيذ متعددة للتآمر على الدول والشعوب الأخرى، من بينها تكريس العداء في الإعلام الغربي ضد روسيا وبيلاروسيا ودول آسيا الوسطى الحليفة لروسيا التي كانت من دول (الاتحاد السوفيتي) القديم، وتطول (حرب الاستخبارات الغربية) أيضا الدول العربية والخليجية أيضا التي لم تتجاوب مع المطالب الأمريكية والأوروبية والبريطانية للانحياز إلى جانب أوكرانيا والغرب ضد روسيا، وتتبنى الحلول السلمية والحوار السياسي لحل المشكلة بين روسيا وأوكرانيا.. كما تطول (حرب الاستخبارات الغربية) هذه الأيام دولا في شرق آسيا وباكستان والهند، حيث يسعى (المحور الغربي) بقيادة (واشنطن) لتغيير مواقف هذه الدول إزاء (حرب أوكرانيا) وكسب موقفها ضد روسيا.
الجانب الإعلامي في (شيطنة روسيا) في حرب أوكرانيا جزء من (حرب الاستخبارات الغربية)، وقد اتضح ذلك بشكل سافر في تلفيق خبر ارتكاب القوات الروسية مجازر إبادة (كما أسموها) لمدنيين في مدينة (بوتشا)! بينما محللون روس وأجانب قالوا إن الجثث الملقاة في الشوارع قد تكون لمواطنين أوكرانيين موالين لروسيا ومتعاونين مع الجيش الروسي، قامت قوات أوكرانية بإعدامهم بالرصاص في مكان آخر، ثم قامت بمسرحية توزيع جثثهم في الشوارع على أنهم مدنيون أوكرانيون قتلتهم (قوات روسية) قبل انسحابها من مدينة (بوتشا)! بدليل أنه لا توجد هناك دماء مرافقة للجثث في الشارع، وأياديهم مربوطة بشريط (أبيض) وهو رمز للأوكرانيين المتعاونين مع القوات الروسية، كما أن السلطات الأوكرانية حرصت على عدم إظهار وجوه القتلى في الصور حتى لا يتعرف أحد عليهم.
هذا فيما يتعلق بالجانب الإعلامي الغربي في حرب الاستخبارات، وسوف تتكرر اتهامات لاحقة للقوات الروسية بارتكاب (جرائم حرب) مثلما يدعي الإعلام الأمريكي والبريطاني والأوروبي استنساخا لمسرحية (بوتشا) الأوكرانية.
وهناك جانب استخباراتي آخر يعتمد على (الطابور الخامس) كما سمي في الحرب العالمية الثانية، وهو تجنيد الجواسيس داخل دول بعينها للقيام بأعمال إرهابية وتخريب لإضعاف العدو من الداخل وليس على جبهة القتال فقط، ومؤخرا نشرت وكالة (فرانس برس) إعلان أجهزة الأمن الكازاخستانية يوم الأحد الماضي أنها أوقفت (عميل استخبارات أجنبية) كان يخطط لاغتيال رئيس البلاد ومسؤولين كبار، وأشارت لجنة الأمن القومي الكازاخستانية في بيان إلى أن عميل استخبارات أجنبية «مواطن كازاخستاني» أوقف في 25 مارس الماضي في مدينة (نور سلطان) من قبل جهاز مكافحة التجسس كان يخطط لاغتيال رئيس كازاخستان (قاسم جومارت توكاييف) وعدد من المسؤولين الكبار، ولفت البيان إلى ضبط بندقية قنص أجنبية الصنع ومخدرات ومبلغ مالي كبير خلال عملية تفتيش لمنزله، وأن مهام العميل تشمل نشر مواد تهدف إلى الترويج للدعاية المعادية لروسيا وللخوف من روسيا على شبكات التواصل الاجتماعي.. وقد تظهر حالات مشابهة في دول محيطة بروسيا أو دول أخرى مستهدفة من قبل أجهزة الاستخبارات الأجنبية الغربية.
جانب آخر من نشاط (حرب الاستخبارات الغربية) سوف ينشط بالمال والدعاية الإعلامية وتحريك وسائل التواصل الاجتماعي للقيام بمظاهرات وقلاقل وأعمال عنف وإرهاب في دول مستهدفة من قبل أجهزة الاستخبارات بقصد إسقاط حكومات غير موالية للغرب، مثلما حدث مؤخرا في باكستان، حيث أعلن رئيس الوزراء (عمران خان) مؤخرا أنه يتعرض لمؤامرة أمريكية لإسقاطه، واستبداله برئيس وزراء باكستاني آخر لأن (خان) رفض مطالب أمريكية سابقة بوقوف باكستان ضد روسيا والصين، وأيضا سوف تنشط في الأيام القادمة محاولات أمريكية وغربية لتكرار السيناريو الباكستاني لإسقاط حكومات في دول آسيوية وإفريقية وأمريكية لاتينية وإسقاط حكومات في آسيا الوسطى مثل كازاخستان ودول كانت في الاتحاد السوفيتي القديم.
ويبقى السؤال المهم: ماذا تحضر حرب الاستخبارات الغربية والأمريكية من مخططات للدول العربية والخليجية، وخصوصا ضد السعودية والإمارات ومصر، على خلفية الحرب الأوكرانية؟ وهل الدول العربية مستيقظة تماما لمثل هذه المخططات السرية القادمة وأجهزتها الأمنية في حالة استنفار وجهوزية لما قد يحاك في (الغرف السوداء) ضد أمنها الوطني والقومي العربي؟ إجابة هذا السؤال بيد الحكومات العربية والخليجية.. فقط تذكروا أن وزيرة الخارجية السابقة (هيلاري كلينتون) قالت منذ يومين لقناة (إن.بي.سي) الأمريكية: (السعودية خيبت أملي برفضها رفع إنتاج النفط.. يجب استخدام سياسة الثواب والعقاب معها، لأننا نعيش أزمة وجودية الآن)!!
واسم (هيلاري كلينتون) يرتبط شؤما في الذاكرة بمخططات (أوباما) عام 2011 لإسقاط الأنظمة العربية ونشر نظرية الفوضى الخلاقة والدمار الإرهابي الذي لحق بمصر وليبيا وسوريا وتونس واليمن والبحرين ودول عربية كثيرة.. فاليقظة مطلوبة بإلحاح كبير لما هو قادم.