رأي في الحدث

فوزية رشيد : الخليج وحروب الغرب!

{‭ ‬زيارة‭ ‬‮«‬سيرجي‭ ‬لافروف‮»‬‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬31‭ ‬مايو‭ ‬ثم‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬السعودية،‭ ‬هي‭ ‬زيارة‭ ‬تم‭ ‬الاحتفاء‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬البحرينية‭ ‬اعتزازاً‭ ‬بعلاقات‭ ‬الصداقة‭ ‬التاريخية،‭ ‬واهتماماً‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الروسي‭ ‬بموقف‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬‮«‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬موقف‭ ‬الحياد،‭ ‬والمطالبة‭ ‬بحلّ‭ ‬الصراع،‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الروسي‭ ‬واستقرار‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والقارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬والسلم‭ ‬الدولي،‭ ‬وتأكيد‭ ‬استمرار‭ ‬الحوار‭ ‬والحلول‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬وفق‭ ‬قواعد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬تسوية‭ ‬سياسية‭ ‬تنهي‭ ‬النزاع‭ ‬وتضمن‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬لكل‭ ‬الأطراف،‭ ‬كما‭ ‬أكدّ‭ ‬ذلك‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬وحيث‭ ‬انعكاسات‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬وتداعياتها‭ ‬تحمل‭ ‬مخاطر‭ ‬مختلفة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬العالمي‭ ‬أيضاً،‭ ‬وعلى‭ ‬اقتصاده‭ ‬وأمنه‭ ‬الغذائي،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬القاسية‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬ارتدّت‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬وشعوبه،‭ ‬وأثرت‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وتفاقم‭ ‬التضخم‭ ‬وزيادة‭ ‬الأسعار،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬امتناع‭ ‬دول‭ ‬كثيرة‭ ‬تنتج‭ ‬الموارد‭ ‬الغذائية‭ ‬عن‭ ‬تصديرها،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عامل‭ ‬مؤثر‭ ‬آخر،‭ ‬وهو‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬وتأثير‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مجمل‭ ‬الصناعات‭ ‬والمنتجات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بهما‭!‬

{‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬الروسية‭ ‬وتحديداً‭ ‬العلاقات‭ ‬السعودية‭ ‬والبحرينية‭ ‬والإماراتية‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬هي‭ ‬علاقات‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استهداف‭ ‬الغرب‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للخليج‭ ‬والمنطقة‭ ‬بمشروع‭ ‬تدميري‭ ‬ينال‭ ‬الأنظمة‭ ‬والشعوب‭ ‬والذي‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التخلي‭ ‬عنه‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭! ‬حتى‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬الحليف‭ ‬الموثوق‭! ‬وبما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المصلحة‭ ‬الخليجية‭ ‬ومنها‭ ‬البحرينية،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬‮«‬تنويع‭ ‬التحالفات‮»‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬الجديدة‭ ‬كالصين‭ ‬وروسيا‭ ‬واللتين‭ (‬تسعيان‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬متوازن‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬تعددية‭ ‬القطبية‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الاستفراد‭ ‬الأمريكي‭/ ‬الغربي‭ ‬بالعالم‭)! ‬وحيث‭ ‬لم‭ ‬تجنِ‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وشعوبه‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬الغربية‭ ‬المتراكمة‭ ‬إلا‭ ‬الفوضى‭ ‬والصراعات‭ ‬والحروب‭ ‬والعبث‭ ‬بمصائرها،‭ ‬واتخاذ‭ ‬مفهوم‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والمنطقة،‭ ‬باعتباره‭ ‬مدخلاً‭ ‬للإملاءات‭ ‬والشروط‭ ‬والضغوط‭ ‬وضمان‭ ‬التبعية‭ ‬للسياسات‭ ‬الغربية،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬تستهدف‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬نفسها‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انقلاب‭ ‬المعادلات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬والاستراتيجية،‭ ‬هو‭ ‬عالم‭ ‬ينشد‭ ‬منطق‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬واحترام‭ ‬المبادئ‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭ ‬واستقلالية‭ ‬الدول‭ ‬وسيادتها،‭ ‬ومصداقية‭ ‬التحالفات‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والقوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬وهي‭ ‬المصداقية‭ ‬التي‭ ‬أخلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بها،‭ ‬وأخلّ‭ ‬الغرب‭ ‬بها،‭ ‬وفقاً‭ ‬لأجنداته‭ ‬ومشاريعه‭ ‬وضمان‭ ‬هيمنته‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وضع‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬لمصالح‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬أنها‭ ‬حليفة‭ ‬لها‭ ‬ومنها‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭!‬

{‭ ‬ولأن‭ ‬حروب‭ ‬الغرب‭ ‬ورؤيته‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬وسياساته‭ ‬الخارجية،‭ ‬لا‭ ‬تتغير‭ ‬وفق‭ (‬تبادل‭ ‬المصالح‭) ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬سيادة‭ ‬واستقرار‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تتحالف‭ ‬معها،‭ ‬وهنا‭ ‬مع‭ ‬الخليج،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬أن‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬مصالحها‭ ‬أيضاً،‭ ‬وألا‭ ‬تنجر‭ ‬في‭ ‬مواقفها‭ ‬خلف‭ ‬حروب‭ ‬الغرب،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬وحيث‭ ‬‮«‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‮»‬‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنها‭ ‬مواجهة‭ ‬مفتوحة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬وروسيا،‭ ‬وغداً‭ ‬بين‭ ‬الناتو‭ ‬والصين‭! ‬ولا‭ ‬مصلحة‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬الانحياز‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الحروب‭ ‬الغربية‭ ‬القائمة‭ ‬والمستقبلية،‭ ‬بل‭ ‬الصواب‭ ‬هو‭ ‬انتهاج‭ ‬الخط‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬بحكمة،‭ ‬لا‭ ‬يخسر‭ ‬فيها‭ ‬الخليج‭ ‬حلفاء‭ ‬أكثر‭ ‬موثوقية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الغرب‭ ‬المخادع،‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬الذي‭ ‬يهرول‭ ‬اليوم‭ ‬تجاه‭ ‬السعودية‭ ‬والخليج،‭ ‬ويمارس‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ (‬التحوّر‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭) ‬لضمان‭ ‬وقوف‭ ‬الخليج‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬حربه‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭!‬

{‭ ‬لقد‭ ‬اتضح‭ ‬للعيان‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‮»‬‭ ‬أن‭ ‬الخليج‭ ‬بقيادة‭ ‬السعودية‭ ‬كأكبر‭ ‬مصدّر‭ ‬للنفط،‭ ‬هو‭ ‬رمانة‭ ‬الميزان‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬وروسيا‭ ‬حالياً،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬ناقة‭ ‬ولا‭ ‬جمل‭ ‬للخليج‭ ‬في‭ ‬الانحياز‭ ‬إلى‭ ‬الحلف‭ ‬الغربي،‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬استفراده‭ ‬بالعالم،‭ ‬وليعود‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬ويدير‭ ‬الظهر‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬سابقاً‭ ‬للخليج‭ ‬ودوله،‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬مصلحته‭ ‬الآنية،‭ ‬بوقف‭ ‬رفع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬وضرب‭ ‬روسيا‭!‬،‭ ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬رياح‭ ‬الخليج‭ ‬لا‭ ‬تتجه‭ ‬كما‭ ‬تشتهي‭ ‬سفن‭ ‬الغرب‭ ‬وأمريكا‭!‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى