أحمد الدواس : الكويتيون في عسر والحكومة تُهدر المال وتساعد الخارج
هناك شارع في الكويت لم يسمع به الشباب الكويتي اسمه شارع التيل، هي الأحرف الثلاثة الأولى من كلمة “تيلغراف” أي إرسال الرسائل برقياً.
الاسم لا شك جميل، أطلقه الكويتيون لأن إرسال البرقيات كان يجري فيه، ولكن حكومتنا أسمت الشارع “شارع تونس” كما هي عادتها في ارتكاب الأخطاء منذ نصف قرن، ولم تكتف بذلك، بل أنشأت منطقة سكنية أسمتها “القيروان” قرب الدوحة.
ثم جاءت شركة فأسمت “مجمع القيروان” في حولي، وفي يوم 29 نوفمبر 2016 نشرت “السياسة” خبراً ورد فيه “الكويت تقرض تونس 500 مليون دولار خلال 5 سنوات لإنعاش اقتصادها”، ثم خبر”منح تونس 22 مليون دينار لدعم شبكات توزيع المياه”، هذا عدا عن الاستثمارات الكويتية الضخمة بذلك البلد.
هذه دولة اتخذت موقفاً عدائياً ضد الكويت أثناء الاحتلال العراقي، ويذكر أن أحد الكويتيين خرج بعد الصلاة في مساجدها فضربه التونسيون لأنه كويتي، فلماذا لا تسترجع الكويت الاسم القديم “شارع التيل”، لاسيما أن دول المغرب العربي لا تقيم للكويت وزناً، والدليل عدم تسمية سكة أو “عاير” فيها باسم الكويت؟
هناك أيضاً اليمن، ساعدناها وشيدنا فيها جامعة صنعاء، ودفعنا لمعلميها من أموال الكويت، فوقفت ضدنا أثناء الاحتلال، لبنان أحببناها منذ أواخر الخمسينات، وفي النهاية يهدد “حزب الله” المجرم الكويت، وهناك كوبا التي اتخذت موقفاً معادياً ضد الكويت أثناء الاحتلال، فماذا فعلنا تجاه كوبا؟ لقد أقمنا علاقات ديبلوماسية معها، وفتحنا سفارة كويتية في هافانا، وصرنا فرحانين بإقامة العلاقة معها!
العراق، نقول عنه أنه جار وأخ، ويا ليته كذلك، يا ليته يستفيد من دروس التاريخ، لكنه أثار موضوع خور عبدالله قبل سنوات، وهناك نائبة بالبرلمان العراقي اسمها شبيه بنت الرصيف، قلبها من صخر تمقت الكويت بشدة، تتمنى من حين لآخر لو دخلت القوات العراقية أرض الكويت، والأمر لن يقتصر على ذلك، بل سيهدد العراق الكويت مستقبلاً حول ميناء مبارك، وقد سبق أن ذكرنا أسباب ذلك في مقالة “الخطر المحتمل من الشمال” المنشورة في جريدتي “الوطن” و”السياسة” يوم 31 ديسمبر 2013، ومع هذا فقد أبدت الكويت استعدادها لإعادة إعمار العراق!
وزير المالية الكويتي قال في عام 2016: “إن المساعدات الكويتية الخارجية خلال الخمس سنوات الأخيرة بلغت ما يزيد على 42 مليار دولار كدعم لاقتصادات دول عربية، وودائع ومنح من دون رد وهبات، بخلاف ديون مستحقة تفوق 10 مليارات دينار”، ثم ان الكويت أنفقت على مؤتمرات كثيرة بشكل يفوق ميزانيات دول أفريقية وآسيوية، وكان آخرها مؤتمراً للمصالحة اليمنية فلم يتصالح اليمنيون، وما فتأت الكويت تبدي استعدادها لاستضافة مؤتمرات جديدة عن أزمات أخرى، وشبابها الكويتي يصطف بطابور طويل ينتظر الوظيفة!
لقد انطلقت صرخات المواطنين للمطالبة بزيادة المعاش، قال أحدهم: “قبل وباء “كورونا” لم يكن المعاش يكفي العائلة، فما بالك بعد ارتفاع الأسعار”، وقال آخر: “يحسدون الكويتيين ولا يعلمون أن حياتهم كلها أقساط”، وقال ثالث: “الرواتب المتوسطة لا تكفي، فما بالك بالرواتب ما دونها”، وقال رابع: “إن زيادة المعاش عشرة دنانير كل ثلاث سنوات تعتبر شحاذة، والموظف عندما يتقاعد يخسر نصف راتبه، وان نواب مجلس الأمة لا يكترثون لهموم المواطنين”.
الأقربون أولى بالمعروف، والكويتيون أحق بالفضل من غيرهم، فنسبة المدينين الكويتيين تفوق 70 في المئة من الشعب، فلو صرفت الكويت على أهلها نصف ما صرفته على الخارج لأنهت مشقة ثلاثة أرباع شعبها الذين يعانون العسر وتكاليف المعيشة.
ما شأننا والدول الأخرى، إننا لا نملك ثروة، فالثروة الحقيقية هي “الزراعة” كما يقول علم الاقتصاد لا أحمد الدواس، لذلك فإن الغني هو الدول العربية الزراعية، فالزراعة تُطعم الإنسان منذ بدء الخليقة، لا الكويت بجدبها وفقر بيئتها ذات المورد الناضب يوما ما.
إننا اذا استمرينا على نهج مساعدة الخارج سنتحسر على تبديد أموال الدولة إرضاء لعرب لا يقدرون للكويت وقوفها الإنساني معهم، فيوم كنا فقراء لم يرسلوا لنا الفاكهة مجاناً كمساعدات غذائية، بل لم يكترثوا للكويت مطلقاً.