السيـــد زهــــره : صدمة بايدن؟!
قرأت قبل أيام تقريرا يتحدث عن تحول في الموقف الأمريكي من ايران نحو التشدد على ضوء فشل محاولات التوصل الى اتفاق نووي حتى الآن.
التقرير يقول ان الرئيس الأمريكي بايدن غاضب ويشعر بالصدمة بسبب الموقف الإيراني المتطرف، وأن هذا هو الذي يفسر التغير في الموقف الأمريكي تجاه إيران في الفترة القليلة الماضية والذي يبدو اكثر تشددا من ذي قبل.
ويذكر ان الإدارة الأمريكية سمعت في الفترة الماضية انتقادات حادة وقاسية من حلفاء أمريكا في المنطقة بسبب موقفها من ايران وخصوصا تراخيها وعدم اهتمامها بدور ايران الإرهابي هي ومليشياتها في المنطقة وتهديدها لأمنها واستقرارها.
لكن الإدارة الأمريكية لم تغير موقفها لهذا السبب. أي لم تغير موقفها إرضاء للحلفاء او استجابة لهم، ولكن لسبب آخر.
الذي حدث بحسب مصادر أمريكية ان الإدارة الأمريكية عرضت على ايران في الفترة الماضية صيغة معينة للتوصل الى اتفاق. هذه الصيغة تقوم على «تلبية الشروط الإيرانية بما فيها رفع الحرس الثوري عن لائحة الإرهاب، مقابل أن تأمر طهران قادة الحرس والمليشيات التابعة له في العراق وسوريا ولبنان واليمن بوقف كل الأعمال العدائية ضد دول المنطقة وضد الولايات المتحدة ومصالحها وجنودها في منطقة الشرق الأوسط».
ايران رفضت رفضا قاطعا هذه الصيغة الأمريكية وأبلغت أمريكا بهذا الرفض من خلال مفاوضات فيينا وعبر أطراف دوليين وأكدت ايران للإدارة الأمريكية انها لن تطلب من المليشيات التابعة لها وقف عملياتهم ضد دول المنطقة وحتى ضد الجنود الأمريكيين.
هذا هو الذي سبب صدمة شديدة للرئيس الأمريكي بحسب المصادر الأمريكية.
الحقيقة في تقديرنا ليست على هذا النحو الذي ذكرته المصادر الأمريكية.
صدمة الرئيس الأمريكي ليست لهذا السبب، وسيكون امرا غريبا جدا لو انه كان يتوقع من ايران موقفا آخر غير الموقف الذي اتخذته.
نعني ان هذا هو موقف إيران الثابت والدائم والذي طالما عبرت عنه علنا في تصريحات مسؤوليها وفي المفاوضات حول الاتفاق النووي. إيران أعلنت بحزم دائما انها لن تقبل بمناقشة دورها في المنطقة ولا دور المليشيات العميلة لها وأن هذا الموضوع بالنسبة لها غير خاضع للتفاوض في أي ظرف وفي أي إطار.
بايدن يعلم هذا. المشكلة ليست في إيران وانما في الإدارة الأمريكية وموقفها.
إدارة بايدن منذ البداية هي التي أعطت لإيران، ولنا وللعالم في الحقيقة، الانطباع الصريح بأنها لم تعد تكترث كثيرا بمصالح حلفائها في المنطقة والقضايا المتعلقة بأمنهم واستقرارهم. بعبارة اخرى، أعطت امريكا لإيران الانطباع الصريح بأنها ليست معنية كثيرا بالتهديد الذي تمثله هي والمليشيات العميلة لها لدول المنطقة. وإدارة بايدن أصرت مثلا، رضوخا لإيران، على رفض المطلب المتكرر لدول الخليج العربية بأن تكون طرفا في المفاوضات النووية.
وإدارة بايدن أبدت منذ البداية استعدادها الصريح لتقديم التنازلات لإيران وأظهرت انها متكالبة على توقيع اتفاق معها أكثر من تكالب إيران نفسها.
وإدارة بايدن كانت تعلم ان إيران حتى لو قبلت بالصيغة التي طرحتها وتعهدت بما جاء بها فليس لهذا أي معنى حقيقي.
نعني انه حتى لو تعهدت إيران بوقف تدخلاتها ووقف عملياتها وعمليات المليشيات العميلة الإرهابية، فمنذ متى تلتزم إيران بأي تعهد او وعد تقطعه؟
صدمة بايدن لها أسباب اخرى والقضية لها جوانب مهمة أخرى.
للحديث بقية بإذن الله.