بسام القصاص : نظرة سياسية على جولة سمو ولي عهد السعودية
يصف الخبراء سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان برجل السلام، الذي يدعم الاستقرار، ويسعى للبناء والتنمية، وينادي بالتطور والتحديث، ويعمل لتعزيز العلاقات الدولية وخدمة المصالح المشتركة، فهذه هي رؤيته البناءة التي نادى بها، وتلك هي سياسته العقلانية التي اتبعها، وذلك هو منهجه المعتدل الذي يسعى لتطبيقه على أرض الواقع.
وبنظرة متفحصة لجولة سموه الأخيرة التي بدأها بمصر ومنها للأردن ويختمها بتركيا، قبل الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية وعقد القمة المرتقبة بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق مع الرئيس الأميركي جو بايدن في الرياض منتصف الشهر المقبل يتضح أن المملكة تدرك جيداً أهمية التنسيق المستمر والدائم مع مصر؛ باعتبارالسعودية ومصر قطبي العالمين العربي والإسلامي؛ الأمر الذي عزز ويعزز العلاقات الستراتيجية بين الدولتين، وبخاصة أن الأجندة الدولية والإقليمية بها عدد من الملفات المفتوحة، بعضها مرتبط بتوفير مصادر الطاقة العالمية والأمن الغذائي العالمي وبعضها مرتبط بإيران، وبعضها الآخر مرتبط بمناطق الصراع الساخنة في المنطقة، وأخرى متعلقة بملف التسليح، وعليه تتحرك القوى العربية الرئيسة نحو العمل على بلورة رؤية موحدة تشمل قائمة من الأهداف لمناقشتها خلال زيارة بايدن.
وتأتي جولة ولي العهد السعودي الخارجية، التي بدأها بمصر، من أجل تنسيق الأدوار وترتيب الأوراق لمواجهة التحديات والعقبات التي قد تهدد مستقبل المنطقة واستقرارها؛ وبخاصة أن تحركات سمو ولي العهد السعودي تحظى باهتمام استثنائي من وسائل الإعلام المحلية والدولية، فضلاً عن شعوب الدول ورؤسائها، الذين يرون في ولي العهد شخصية مهمة، ومؤثرة في محيطيها الإقليمي والدولي، بما يملك من فكر حديث، ورؤية جادة تستشرف المستقبل، وإرادة قوية، وعزيمة لا تلين على قيادة المملكة والأمتين العربية والإسلامية إلى بر الأمان، متجاوزاً ما يشهده العالم من تجاذبات وتحالفات، تنذر بالأخطار المحدقة بدول منطقة الشرق الأوسط.
وقد عكست زيارة سمو ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان إلى القاهرة حجم الزخم المتزايد الذي تشهده علاقات البلدين في ضوء الروابط التاريخية، وحرص البلدين على تكثيف التشاور والتنسيق لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، إذ تكمن أهمية الزيارة في توقيتها وحجم الملفات التي تتصدر أجندتها، إذ تشمل العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، فضلاً عن تأكيدها أهمية التعاون والتنسيق في ما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الملف الإيراني واليمني والقضية الفلسطينية، والملاحة في البحر الأحمر والإرهاب والأزمات الساخنة في سورية وليبيا، إلى جانب الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيرات الحرب الروسية في أوكرانيا المباشرة على دول المنطقة، والعمل على تحقيق الاستقرار والأمن في أفريقيا.
كذلك من بين القضايا التي تزيد من أهمية الزيارة تأكيد التنسيق بين القاهرة والرياض، بحكم الشراكة الستراتيجية التي تجمع البلدين، وفي ضوء الحرص على صون الأمن القومي العربي قبل زيارة سمو ولي العهد السعودي المقررة إلى تركيا، بعد سنوات من توتر العلاقات العربية مع أنقرة لا سيما مع كل من أبوظبي والرياض والقاهرة، وقد يكون سمو ولي العهد السعودي رسول السلام الذي ينهي الخلافات ويقر الاستقرار بين الدول كعادته دائما.
وعقب انتهاء القمة بين الزعيمين العربيين الرئيس السيسي وولي العهد السعودي وقع الجانبان، السعودي والمصري، على جملة من الاتفاقيات، في مجالي الاستثمار والطاقة بلغ إجماليها أكثر من سبعة مليارات دولار.