أحمد الجارالله :عزيز مصر… وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
“30 يونيو” ليس يوماً مميزاً لمصر فقط، بل هو تاريخ مفصلي للعالمين العربي والإسلامي، وهو يوم عز سيبقى العالم يتحدث عنه لعقود عدة، لأنه للمرة الأولى في تاريخ الثورات يكون الطوفان الشعبي هو عامل التغيير، وليس الجيش، كما درجت العادة في العالم الثالث، بل إن القوات المسلحة المصرية كانت صدى صوت 33 مليون مصري هبّوا لوقف عملية الاغتصاب الممنهج للدولة التي عملت عليها جماعة الإخوان المسلمين، حين اختطفت انتفاضة 25 يناير 2011، لتنصب دميتها على رأس الحكم.
ما جرى في عام 2013 هو إحباط أكبر مؤامرة كانت تستهدف العالمين العربي والإسلامي، من خلال تقسيمهما إلى معسكرين، سُني تقوده الجماعات “الإخوانية”، وشيعي بقيادة ملالي طهران، فيما يكون المايسترو إسرائيل، ولقد كشفت رسائل محمد مرسي إلى الرئيس الإسرائيلي، آنذاك، شيمون بيريس، مدى عمق العلاقة بين الطرفين، إذ كان يفتتحها بعبارة “عزيزي وصديقي العظيم”، ويختمها بـ”صديقكم الوفي”، فيما لانزال نشهد مذكرات وزيرة خارجية أميركا السابقة هيلاري كلينتون، وبعدها مذكرات الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما على ما كان يحاك للعالمين العربي والإسلامي، بين شياطين “الإخوان” والاستخبارات الأميركية.
عام 2013 هيأ الله، سبحانه وتعالى، عزيز مصر الرئيس عبدالفتاح السيسي والجيش ليفسد ذلك المخطط ، ولتبدأ هبة النيل استرداد عافيتها بعد سنتين عجاف كادت تفتك بها جراء المؤامرة “الإخوانية”، التي نقلت عدواها إلى دول الخليج العربي، فتفشت في الكويت والسعودية والإمارات وغيرها من دول “مجلس التعاون”، لكن اليقظة وحسن التدبير في بعض تلك الدول دحرا المخرّبين.
تدخلات “الإخوان” الشيطانية لم تقف عند حدود العمل السياسي، بل وصلت إلى القضاء المصري الذي وجد نفسه مكبلاً بمجموعة شياطين عبروا عن أهدافهم بوضوح في قضية الرئيس الراحل حسني مبارك، إذ حين قال لهم أحد الوسطاء: “خففوا الضغط على الرجل”، كان جواب مرشدهم: “سنقوده من السجن إلى القبر”، وللحقيقة فإن مبارك كان مؤمناً لم يرتكب جريمة، ولذلك قالها بوضوح في آخر خطبه: “لن أترك مصر، ففيها ولدت وفيها أموت”، لكنه الحقد الإخواني الشرير الذي مورس على كل المسؤولين السابقين ورجال الأعمال، بل عشرات آلاف المواطنين المصريين الذين رفضوا اغتصاب الحكم.
لذا حين يحتفل المصريون بثورة 30 يونيو، يحتفلون بذكرى استعادة العزة والكرامة، وفي هذا الشأن يرخص المال والنفس، ولهذا حين قال عزيز مصر الرئيس عبدالفتاح السيسي في إحدى المرات إن دول الخليج كانت كريمة مع مصر، كان رد هذه الدول نحن كرماء مع أنفسنا، فمصر جزء عزيز من العالم العربي، وهي العمق الستراتيجي للخليج، واستقرارها من استقراره.
اليوم مصر بعهدة رئيس يعمل ليل نهار على الرفع من شأنها، ولهذا جعلها كلها ورشة عمل، يشارك فيها الجيش والشعب، وينفق المليارات على التنمية الريفية والمدنية، مؤمناً بقاعدة واحدة أن على الجميع العمل، انطلاقاً من مبدأ “لا تعطيني سمكة، بل عملني الصيد، وامنحني صنارة”.
نعم، بيّض الله وجهك أيها الرئيس المثابر على النجاح في سبيل بلدك، فالمسيرة لا تزال في بدايتها، ومثلما أنجزت كل تلك المشاريع الضخمة، لا شك فإن مصر معك ستنجز طريق العشرة آلاف كليومتر، طريق الشمال السريع الرابط بين دول قارة أفريقيا.
شكراً شعب مصر القادر على كسب الرهانات الكبرى، وشكراً للرئيس عبدالفتاح السيسي رائد نهضتها الحديثة، وقد صدق المتنبي حين قال: ” وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام