فوزي عويس : الجماعة الإرهابية… وغزو الكويت
تفصلنا أيام قليلة عن الذكرى الثانية والثلاثين للغزو العراقي المشؤوم لدولة الكويت، هذه الجريمة البشعة التي هزت العالم من أقصاه الى أقصاه، وتسببت بشرذمة الأمة العربية بسبب حاكم طائش، أراد أن يبتلع دولة جارة لطالما دعمت بلاده، ماديا وسياسيا في كل المحافل.
كلنا يذكر كيف سبق الشعب المصري قيادته السياسية في إدانة هذا الغزو، والتنديد به دون انتظار لموقف الدولة الرسمي، الأمر الذي جسد روابط القربى ووشائج المصاهرة بين الشعبين الشقيقين، فضلا عن اختلاط الدم الذي سال في ساحات المعارك، سواء في حرب 1967 حيث كان شقيق أمير الكويت الشيخ فهد الأحمد الصباح على رأس كتيبة المقاتلين الكويتيين المشاركين في المعركة، أو في حرب اكتوبر 1973، أو في حرب تحرير الكويت.
وكلنا يذكر أيضا كيف كانت القاهرة بوابة تحرير الكويت باستضافتها قمة عربية عاجلة دعا اليها الرئيس الراحل حسني مبارك، ووافقت على طلب الحكومة الكويتية استقدام قوات عربية وأجنبية الى المملكة العربية السعودية من أجل احقاق الحق وإزهاق الباطل، وتحرير الأرض التي احتلها صدام حسين، وعاث فيها فسادا وافسادا، وأهلك الحرث والنسل، وأكل الأخضر واليابس طوال سبعة أشهر كاملة، حتى تحقق المراد بمشاركة قوات مصرية كانت في طليعة القوات التي دخلت الكويت المحررة، ولا يمكن أن ننسى أيضا كيف باركت جماعة “الإخوان” الإرهابية، آنذاك، جريمة الغزو الموغلة بالإجرام واعتبرها تنظيمها الدولي حربا مقدسة، وقالوا في بيان رسمي خلال مؤتمر لهم في باكستان “إن الإسلام أهم من الكويت وشعبها ،ولابأس من بقاء صدام في الكويت فذلك خير من تحريرها بواسطة الأميركان”.
وطالبوا بسحب القوات المصرية من المعركة احتجاجا على الوجود الأجنبي، ثم ذهب وفد منها على برئاسة يوسف ندا، وتكليف من المرشد العام لمقابلة صدام، واقترحوا بخبث شديد أن تحل قوات ايرانية محل القوات الأجنبية، مع عدم عودة الشرعية الكويتية.
ثم ذهبوا الى الشيخ سعود الناصر الصباح سفير الكويت، آنذاك، في واشنطن، وعرضوا عليه المقترح وطلبوامنه 50 مليون دولار لجلب جيش من ايران، فطردهم شر طردة.
ولا يمكن أن ننسى قادتهم في الأردن وتونس والجزائر(أحمد نوفل وراشد الغنوشي وعباس مدني) الذين راحوا يلعنون الكويت من فوق منابر المساجد، ويعلنون تأييدهم للاحتلال، وحتى بعد طرد الغزاة اعتلى الأول منبر الخطابة ودعا الله تعالى ألا تخمد آبار النفط المحترقة.
وأذكر في هذا السياق حوارا أجراه رئيس تحرير”السياسة” الزميل، الأستاذ أحمد الجارلله مع الأمير نايف بن عبد العزيز، الذي قال له إن وفدا من قيادات التنظيم الدولي لجماعة “الإخوان” الإرهابية زاروا المملكة، والتقوا الملك فهد، طيب الله ثراه، وكان من بينهم الغنوشي والترابي وأربكان، فسألهم الملك: هل تقبلون بغزو دولة لأخرى جارة؟ فقالوا: جئنا للاستماع فقط واستطلاع الآراء، ثم غادروا الى العراق وأصدروا بيانا مؤيدا لصدام، واعتبروه قائدا يجاهد في سبيل الله!
حتى رجال الدين منهم أفتوا بعدم جواز استخدام المطارات والموانئ والأراضي لضرب العراق، كالدكتور يوسف القرضاوي الذي اعتبر أن الأميركان لا العراقيين هم الغزاة!
هؤلاء هم “اخوان الشياطين” أيها الأشقاء في الكويت، الذين يديرون آلة اعلامية جهنمية تستهدف تخريب العلاقات بين مصر والكويت، وللأسف الشديد هناك قلة تقع تحت تأثير هذه الآلة الشيطانية، وغني عن القول إن عناصر هذه الجماعة الإرهابية في الكويت كثر، ومن جنسيات مختلفة، لا سيما كويتيين ومصريين، وهم منظمون جدا وممولون جدا، إذ كان “اخوان الكويت” ولازالوا البنك المركزي لتنظيمهم الدولي، وفق كلام بعض الأشقاء الكويتيين، ولازالت الكويت تستقطب المزيد منهم بشتى الطرق.
وقد قال لي وزير النفط الكويتي الراحل الشيخ سعود الناصر الصباح، طيب الله ثراه والكلام موثق، أنه اشتبه في أمر مجموعة كبيرة استقدمها أحد قادة “الإخوان” للعمل في شركته النفطية، فأراد التحقق، فتواصل مع الجهات المعنية في مصر، وتبين أنهم جميعا عناصر “اخوانية” فأمر بإعادتهم الى مصر.
وعليه فإنني اذ اذكر هنا بموقف هذه الجماعة الإرهابية من غزو الكويت، والتي لازالت تمجد الغزاة، أطالب الأشقاء الكويتيين بقراءة التاريخ جيدا، وعدم اتاحة الفرصة لعناصر هذه الجماعة الإرهابية لمحاولات تخريب العلاقات بين شعبين شقيقين تربطهم علاقة دم ومصاهرة وقرابة، والكلام أيضا موجه لبني وطني الذين أناشدهم الانتباه الى محاولات تعكير صفو هذه العلاقات بواسطة قلة من “إخوان الشيطان” وأتباعهم…والله من وراء القصد.
* * *
• آخر الكلام: نبارك لسمو الشيخ أحمد النواف الصباح نيله ثقة سمو الأمير وتسميته رئيسا لمجلس الوزراء، فهورجل ذو ثوب أبيض، ورث التواضع من والده، فليحفظه الله ويوفقه في حمل الأمانه.